أغناه وَإِن شَاءَ أَن يفقرها أفقرها وَمذهب أهل السّنة ان مَا سَاقه الله على عباده من رزق حَلَال أَو حرَام وَمن خير اَوْ شَرّ فَهُوَ بِقدر من الله تَعَالَى وان الْمَقْتُول مَاتَ فِي أَجله الْمَحْدُود لَهُ أزلا خلافًا لهَؤُلَاء الْقَدَرِيَّة الَّتِي تزْعم أَنه تَعَالَى لَا يقدر وَلَا يرْزق الْحَرَام وَإِنَّمَا العَبْد هُوَ الَّذِي يرْزق لنَفسِهِ من الْحَرَام بقدرته دون إِرَادَة الرب عز وَجل وَأَن الْمَقْتُول مَاتَ بِدُونِ أَجله فَأثْبت ابْن بطة أَن كل ذَلِك من الله تَعَالَى فَالله هُوَ الَّذِي يرْزق الْحَلَال وَالْحرَام وَأَن الْمَقْتُول مَاتَ فِي أَجله الْمَحْدُود لَهُ وَهَذَا هُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَمَا تزعمه الْقَدَرِيَّة فَهُوَ مَذْهَب بَاطِل دلّ على بُطْلَانه الْكتاب وَالسّنة والْآثَار المنقولة عَن السّلف من ذَلِك مَا جَاءَ فِي الْأَثر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ الزِّنَا بِقدر وَشرب الْخمر بِقدر وَالسَّرِقَة بِقدر
وَجَاء رجل إِلَى سَالم بن عبد الله فَقَالَ الزِّنَا بِقدر قَالَ نعم
قَالَ قدر الله عَليّ ويعذبني عَلَيْهِ قَالَ فَأخذ لَهُ سَالم الْحَصْبَاء هَكَذَا كَانَ السّلف يثبتون أَن الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي يقدر كل شَيْء سَوَاء فِي ذَلِك الْخَيْر وَالشَّر
قلت وَمَا ذكره ابْن بطة من شُمُول الْقدر الإلهي لجَمِيع أَفعَال الْعباد وَأَن مَا قدره لَا بُد من تحَققه ونفاذه هُوَ مَذْهَب السّلف الصَّالح الثَّابِت بِالْكتاب وَالسّنة لم يُخَالف فِي ذَلِك سوى الْقَدَرِيَّة الَّتِي تزْعم ان أَفعَال الْعباد مخلوقة لَهُ دون مَشِيئَة من الله تَعَالَى بل يَزْعمُونَ أَنه تَعَالَى غير قَادر على أَفعَال الْعباد فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ
فَمن الْأَدِلَّة الدَّالَّة على شُمُول الْقدر الإلهي بِأَفْعَال الْعباد وَغَيرهَا من الْمَخْلُوقَات قَوْله تَعَالَى ذَلِكُم الله ربكُم خَالق كل شَيْء فَدخل فِيهِ