للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبَين أَنهم من أَصْحَاب النَّار ثمَّ أَعَادَهَا فِي صلب آدم بعد أَن أشهدهم على أنفسهم أَنه رَبهم وخالقهم وَأخذ الْمِيثَاق مِنْهُم على عدم مخالفتهم الْعَهْد عِنْدَمَا يُرْسل إِلَيْهِم الرُّسُل فِي الدُّنْيَا

أما أهل السَّعَادَة فَإِنَّهُم يُوفونَ الْعَهْد بعد وجودهم فِي الدُّنْيَا فيكونون من أهل الْجنَّة وَأما الأشقياء فَإِنَّهُم ينقضون الْمِيثَاق فيكونون من أَصْحَاب السعير وَقد ثَبت أَيْضا بالأحاديث الصَّحِيحَة أَنه إِذا اسْتَقر الْجَنِين فِي الرَّحِم أَتَاهُ ملك الْأَرْحَام فَيكْتب أَنه شقي أَو سعيد فخلق أَحَدنَا يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ ثمَّ يكون علقَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله عز وَجل إِلَيْهِ الْملك بِأَرْبَع كَلِمَات رزقه وَعَمله وأجله وشقي أَو سعيد وَلِهَذَا يقسم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِلا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع ثمَّ يُدْرِكهُ مَا سبق لَهُ فِي الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها وَإِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع ثمَّ يُدْرِكهُ مَا سبق لَهُ فِي الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة فيدخلها

كل ذَلِك سبق بِهِ علم الله وَمضى بِهِ قدره وَجرى بِهِ قلمه فِي الْأَزَل قبل وجود آدم وَذريته وَقبل اسْتِقْرَار الأجنة فِي بطُون أمهاتها بِخَمْسِينَ ألف سنة فَلَا بُد أَن يكون مآل كل امْرِئ إِلَى مَا قدر لَهُ من السَّعَادَة أَو الشَّقَاء وَالْجنَّة أَو النَّار فالسعيد إِلَى الْجنَّة مهما عمل من عمل أهل النَّار لِأَنَّهُ تَعَالَى سيوفقه بِعَمَل يدْخل بِهِ الْجنَّة قبل مَوته وَلَو بلحظه فَيكون بذلك من أهل الْجنَّة والشقي إِلَى النَّار مهما عمل من عمل أهل الْجنَّة فكم من رجل يعْمل فِيمَا يَبْدُو للنَّاس بِعَمَل أهل السَّعَادَة حَتَّى لَا يكون بَينه وَبَين الْجنَّة إِلَّا ذِرَاع فَيعْمل فِي آخر حَيَاته بِعَمَل يُوجب لَهُ النَّار فَيكون من أَصْحَاب النَّار وَقد يكون العَبْد مَكْتُوبًا عِنْد الله سعيدا من أهل الْجنَّة وَهُوَ يعْمل فِيمَا يَبْدُو للنَّاس بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر حَيَاته وَفقه الله بِعَمَل يدْخل بِهِ الْجنَّة فَيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>