للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكْتَسب مِنْهُ صفة بِمَنْزِلَة علمنَا بالأمور الَّتِي قبلنَا كالموجودات الَّتِي كَانَت قبل وجودهَا مثل علمنَا بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته فَإِن هَذَا الْعلم لَيْسَ مؤثرا فِي وجود الْمَعْلُوم بِاتِّفَاق الْعلمَاء فَتبين أَن الْعلم وَالْخَبَر وَالْكتاب لَا يُوجب الِاكْتِفَاء بذلك عَن الْفَاعِل الْقَادِر المريد مِمَّا يدل على ذَلِك أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم ويخبر بِمَا سَيكون من مفعولات الرب كَمَا يعلم أَنه سيقيم الْقِيَامَة ويخبر بذلك وَمَعَ ذَلِك فمعلوم أَن هَذَا الْعلم وَالْخَبَر لَا يُوجب وُقُوع الْمَعْلُوم الْمخبر بِهِ بِدُونِ الْأَسْبَاب الَّتِي جعلهَا الله أسبابا لَهُ إِذا تبين ذَلِك فَقَوْل السَّائِل السعيد لَا يشقى والشقي لَا يسْعد كَلَام صَحِيح أَي من قدر الله أَن يكون سعيدا يكون سعيدا لَكِن بِالْأَعْمَالِ الَّتِي جعله سعد بهَا والشقي لَا يكون شقيا إِلَّا بِالْأَعْمَالِ الَّتِي جعله يشقى بهَا الَّتِي من جُمْلَتهَا الاتكال على الْقدر وَترك الْأَعْمَال الْوَاجِبَة وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علم وَقدر أَن هَذَا يعْمل كَذَا فيسعد بِهِ وَهَذَا يعْمل كَذَا فيشقى بِهِ وَهُوَ يعلم ان هَذَا الْعَمَل الصَّالح يجلب السَّعَادَة كَمَا يعلم سَائِر الْأَسْبَاب والمسببات كَمَا يعلم ان هَذَا يَأْكُل السم فَيَمُوت وان هَذَا يَأْكُل الطَّعَام فيشبع وَيشْرب الشَّرَاب فيروى وَظهر فَسَاد قَول السَّائِل فَلَا وَجه لإتعاب النَّفس فِي عمل وَلَا لكفها عَن ملذوذات فَإِن الْمَكْتُوب فِي الْقدَم وَاقع لَا محَالة وَذَلِكَ أَن الْمَكْتُوب فِي الْقدَم هُوَ سَعَادَة السعيد لما يسر لَهُ من الْعَمَل الصَّالح وشقاوة الشقي لما يسر لَهُ من الْعَمَل السيء لَيْسَ الْمَكْتُوب أَحدهمَا دون الآخر فَمَا أَمر بِهِ العَبْد من عمل فِيهِ تَعب أَو امْتنَاع عَن شَهْوَة هُوَ من الْأَسْبَاب الَّتِي تنَال بهَا السَّعَادَة والمقدر الْمَكْتُوب هُوَ السَّعَادَة وَالْعَمَل الَّذِي بِهِ ينَال السَّعَادَة وَإِذا ترك العَبْد مَا أَمر بِهِ متكلا على الْكتاب كَانَ ذَلِك من الْمَكْتُوب الْمَقْدُور الَّذِي يصير بِهِ شقيا وَكَانَ قَوْله ذَلِك بِمَنْزِلَة من يَقُول أَنا لَا آكل وَلَا أشْرب فَإِن كَانَ الله قضى بالشبع والري حصل وَإِلَّا لم يحصل أَو يَقُول لَا أجامع امْرَأَتي فَإِن كَانَ الله قضى لي بِولد فَإِنَّهُ يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>