للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذِهِ الْمَجْمُوعَة من الْآيَات تثبت للْإنْسَان إِرَادَته ومشيئته الْحرَّة المختارة وَلكنهَا تؤكد بانطوائها ككل شَيْء فِي الْوُجُود تَحت مَشِيئَته سُبْحَانَهُ وَمن ثمَّ نجد أننا يجب علينا أَن نرْجِع إِلَى هَذِه الْآيَات جَمِيعًا وَلَيْسَ إِلَى بَعْضهَا لكَي نَعْرِف الْحَقِيقَة الْكَامِلَة

وَيَقُول شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية توضيحا لعدم التَّعَارُض بَين المشيئتين وَقَوله تَعَالَى {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} لَا يدل على أَن العَبْد لَيْسَ بفاعل لفعله الِاخْتِيَارِيّ وَلَا أَنه لَيْسَ بِقَادِر عَلَيْهِ وَلَا أَنه لَيْسَ بمريد بل يدل على أَنه لَا يشاؤه إِلَّا ان يَشَاء الله وَهَذِه الْآيَة رد على الطَّائِفَتَيْنِ الْمُجبرَة الْجَهْمِية والمعتزلة الْقَدَرِيَّة فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم} فَأثْبت للْعَبد مَشِيئَة وفعلا ثمَّ قَالَ {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} فَبين أَن مَشِيئَة العَبْد معلقَة بِمَشِيئَة الله وَالْأولَى رد على الجبرية وَهَذِه رد على الْقَدَرِيَّة الَّذين يَقُولُونَ قد يَشَاء العَبْد مَا لَا يشاؤه الله كَمَا يَقُولُونَ إِن الله يَشَاء مَا لَا يشاؤون

وَقَالَ أَيْضا وَمِمَّا اتّفق عَلَيْهِ سلف الْأمة وأئمتها مَعَ إِيمَانهم بِالْقضَاءِ وَالْقدر وَأَن الله خَالق كل شَيْء وَأَنه مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن وَأَنه يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء ان الْعباد لَهُم مَشِيئَة وقدرة يَفْعَلُونَ بمشيئتهم وقدرتهم مَا أقدرهم الله عَلَيْهِ مَعَ قَوْلهم أَن الْعباد لَا يشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله كَمَا قَالَ تَعَالَى {كلا إِنَّه تذكرة فَمن شَاءَ ذكره وَمَا يذكرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء الله} الْآيَة

وَقَالَ تَعَالَى {إِن هَذِه تذكرة فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه سَبِيلا وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله إِن الله كَانَ عليما حكيما}

وَقَالَ إِن هُوَ إِلَّا ذكر للْعَالمين لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>