للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويعز من يَشَاء ويذل من يَشَاء وَأَنه تَعَالَى خلق آدم للْأَرْض يَوْم ان خلق فَلَا بُد من ان يَأْكُل من الشَّجَرَة الَّتِي كَانَت سَببا لِخُرُوجِهِ من الْجنَّة

وَقدر الأقوات والأرزاق قبل الأجساد وَكَانَ الْقدر قبل الْبلَاء وأنزلهم الغرف قبل أَن يطيعوه وَالنَّار قبل أَن يعصوه وكل مقتول لَا يقتل إِلَّا فِي أَجله الْمَكْتُوب وموعده المحدد لَهُ دون تَقْدِيم وَلَا تَأْخِير عَن أَجله الْمُسَمّى فالخلق أدق شَأْنًا من أَن يعصوا الله عز وَجل طرفَة عين بِمَا لَا يُرِيد وَالْإِيمَان بِالْقدرِ عِنْد هَؤُلَاءِ السّلف الصَّالح هُوَ العروة الوثقى لَا انفصام لَهَا وَمن لم يُؤمن بِالْقدرِ كَانَ ذَلِك عِنْدهم نقضا للتوحيد لِأَن الْإِيمَان بِالْقدرِ هُوَ نظام التَّوْحِيد وَقد اوضحوا ذَلِك للْأمة خير توضيح فِي خطبهم ورسائلهم وَفِي محاوراتهم مَعَ المنكرين للقدر مِمَّا رَوَاهُ ابْن بطة عَنْهُم وهم يُؤمنُونَ بِأَن كل امرىء يعْمل فِيمَا فرغ مِنْهُ علما وتقديرا وَكِتَابَة وَمَعَ ذَلِك فهم يَعْتَقِدُونَ بِأَنَّهُ كَذَلِك لَا بُد من الْعَمَل بتكاليف الشَّرِيعَة فَلَا يتم إِيمَان امرىء إِلَّا بِالْجمعِ بَين الْإِيمَان بِالْقدرِ وَالْعَمَل بتكاليف الشَّرِيعَة أمرا ونهيا ويؤمنون بِأَن السُّعَدَاء يدْخلُونَ الْجنَّة مهما عمِلُوا من عمل أهل النَّار إِذْ يخْتم لَهُم بِعَمَل أهل السَّعَادَة وَبِأَن الأشقياء يكون مآلهم إِلَى النَّار مهما عمِلُوا من عمل أهل الْجنَّة إِذْ يخْتم لَهُم بِعَمَل أهل النَّار وكل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة وَأَن أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ إِذا أَرَادَ الله لَهُ ذَلِك أزلا وَإِلَّا فَلَا وَأَنه تَعَالَى لَو عذب أهل سماواته وَأهل أرضه عذبهم وَهُوَ غير ظَالِم لَهُم وَلَو أدخلهم الْجنَّة كَانَت رَحمته بهم أوسع من أَعْمَالهم وَخيرا لَهُم من تِلْكَ الْأَعْمَال وَلَو كَانَ لامرىء مثل أحد ذَهَبا يُنْفِقهُ فِي سَبِيل الله لَا يقبل الله مِنْهُ حَتَّى يُؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره وَمِمَّا اعْتمد عَلَيْهِ ابْن بطة فِي إِيضَاح مَذْهَب السّلف فِي الْقدر مَا نقل إِلَيْنَا كثيرا فِي هَذَا الْبَاب من تَفْسِير السّلف لآيَات الْقدر فِي الْقُرْآن الْكَرِيم بِمَا يُوَافق مَذْهَب السّلف من إِثْبَات الْقدر وَالرَّدّ على الْقَدَرِيَّة نقل ذَلِك إِلَيْنَا عَن مشاهير أَئِمَّة الْمُفَسّرين من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة بأسانيد مُتَّصِلَة إِلَيْهِم مِنْهُم حبر الْأمة عبد الله بن عَبَّاس وَمُجاهد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>