عَلَيْهِمْ حُجَّتُهُ غَيْرَ مَعْذُورِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ , لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ , فَلَمْ يَزَلِ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ عَلَى هَذَا جَمِيعًا عَلَى أُلْفَةِ الْقُلُوبِ وَاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ , كِتَابُ اللَّهِ عِصْمَتُهُمْ، وَسُنَّةُ الْمُصْطَفَى إِمَامُهُمْ , لَا يَسْتَعْمِلُونَ الْآرَاءَ وَلَا يَفْزَعُونَ إِلَى الْأَهْوَاءِ , فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ , وَالْقُلُوبِ بِعِصْمَةِ مَوْلَاهَا مَحْرُوسَةٌ , وَالنُّفُوسُ عَنْ أَهْوَائِهَا بِعِنَايَتِهِ مَحْبُوسَةٌ حَتَّى حَانَ حِينُ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الشِّقْوَةُ وَحَلَّتْ عَلَيْهِ السَّخْطَةُ , وَظَهَرَ الَّذِينَ كَانُوا فِي عِلْمِهِ مَخْذُولِينَ , وَفِي كِتَابِهِ السَّابِقِ أَنَّهُمْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ مُسَلِّمُونَ , وَمِنَ الشَّيَاطِينِ عَلَيْهِمْ مُسَلَّطُونَ , فَحِينَئِذٍ دَبَّ الشَّيْطَانُ بِوَسْوَسَتِهِ , فَوَجَدَ مَسَاغًا لِبُغْيَتِهِ , وَمَرْكِبًا وَطِيًّا إِلَى ظَفَرِهِ بِحَاجَتِهِ , فَسَكَنَ إِلَيْهِ الْمُنْقَادُ إِلَى الشُّبُهَاتِ وَالسَّالِكُ فِي بَلِيَّاتِ الطُّرُقَاتِ , فَاتَّخَذَهَا دَلِيلًا وَقَائِدًا , وَعَنِ الْوَاضِحَةِ حَائِدًا , طَالِبُ رِيَاسَةٍ , وَبَاغِي فِتْنَةٍ , مُعْجَبٌ بِرَأْيِهِ وَعَابِدٌ لِهَوَاهُ , عَلَيْهِ يَرِدُ وَعَنْهُ يَصْدُرُ , قَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ , فَلَمْ يَسْتَشْهِدْهُ وَلَمْ يَسْتَشِرْهُ , فَفِي آذَانِهِمْ وَقَرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى , كَأَنَّهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لَمْ يُنْدَبُوا , وَعَنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ لَمْ يُزْجَرُوا , فَهُمْ عَنْ سَبِيلِ مَنْ أَرْشَدَهُ اللَّهِ مُتَبَاعِدُونَ، وَلِأَهْوَائِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَأْتُونَ وَيَذَرُونَ مُتَّبِعُونَ , وَاسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْرَحِ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَأَوْرَدَهُ بِحَارَ الْعَمَى , فَهُمْ فِي حَيْرَةٍ يَتَرَدَّدُونَ , فَجَارُوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ , فَقَالُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute