للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيهِ وَلَا يَظُنُّ فِيهِ بِرَبِّهِ غَيْرَ الْعَدْلِ , وَأَنْ يَحْمِلَ مَا جَهِلَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَقُولُ: كَيْفَ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ وَأَمَرَهُ بِنَصِيحَتِهِمْ وَدَلَالَتِهِمْ عَلَى عِبَادَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ , وَاللَّهُ يَغْوِيهِمْ وَيَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَبُولِ مَا جَاءَ بِهِ نُوحٌ إِلَيْهِمْ عَنْ رَبِّهِ حَتَّى كَذَّبُوهُ وَرُدُّوا مَا جَاءَ بِهِ , وَلَقَدْ حَرَصَ نُوحٌ فِي هِدَايَةِ الضَّالِّ مِنْ وَلَدِهِ , وَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ أَهْلِهِ , فَمَا أُجِيبَ وَعَاتَبَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ بِأَغْلَظِ الْعِتَابِ حِينَ قَالَ نُوحٌ {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥] فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}. وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ نُوحٍ كَانَ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشِّقْوَةُ , وَكُتِبَ فِي دِيوَانِ الضُّلَّالِ الْأَشْقِيَاءِ , فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُ نُبُوَّةُ أَبِيهِ وَلَا شَفَاعَتُهُ فِيهِ , فَنَحْمَدُ رَبَّنَا أَنْ خَصَّنَا بِعِنَايَتِهِ , وَابْتَدَأَنَا بِهِدَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَفَاعَةِ شَافِعٍ وَلَا دَعْوَةِ دَاعٍ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُ أَنْ يُتِمَّ مَا بِهِ ابْتَدَأَنَا , وَأَنْ يُمَسِّكَنَا بِعُرَى الدِّينِ الَّذِي إِلَيْهِ هَدَانَا , وَلَا يَنْزِعَ مِنَّا صَالِحًا أَعْطَانَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>