كَفَرَ وَزَعَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجِنَّ، وَالْإِنْسَ، وَالْأَبَالِسَةَ، وَالشَّيَاطِينَ، وَالْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ، وَالْأَقْذَارَ وَالْأَنْتَانَ فِي نَفْسِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ خَارِجًا مِنْ نَفْسِهِ، فَقَدِ اعْتَرَفَ أَنَّ هَا هُنَا أَمْكَنَةً قَدْ خَلَتْ مِنْهُ، وَيُقَالُ لِلْجَهْمِيِّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ: أَخْبِرْنَا هَلُ تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ؟ وَهَلْ يُصِيبُهُ الرِّيحُ، وَالثَّلْجُ، وَالْبَرْدُ؟، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً أَوْ يَحْفِرُ بِئْرًا، أَوْ يُلْقِيَ قَذَرًا لَكَانَ إِنَّمَا يُلْقِي ذَلِكَ وَيَصْنَعُهُ فِي رَبِّهِ؟ فَجَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ الْمُلْحِدُونَ، وَيَنْسُبُهُ إِلَيْهِ الزَّائِغُونَ، لَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّ رَبَّنَا تَعَالَى فِي أَرْفَعِ الْأَمَاكِنِ، وَأَعْلَى عِلِّيِّينَ، قَدِ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ، يَعْلَمُ مَا نَأَى كَمَا يَعْلَمُ مَا دَنَا، وَيَعْلَمُ مَا بَطَنَ كَمَا يَعْلَمُ مَا ظَهَرَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ تَعَالَى، فَقَالَ: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا، وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩]، فَقَدْ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَا، وَمَا فِي الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَيَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَيَعْلَمُ الْخَطْرَةَ وَالْهَمَّةَ، وَيَعْلَمُ جَمِيعَ مَا تُوَسْوِسُ النُّفُوسُ بِهِ، يَسْمَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute