قال الشيخ: قال جماعة من أهل العلم: معنى قوله: "فوذأته فاتأذ" يعني زجرته وقمعته فازدجر، وقوله: يسبّ نعثلاً "أن عثمان كان يُشبّه برجل من أهل مصر اسمه نعثل، ⦗١٩٤⦘ وكان طويل اللحية، ولو وَجد عائبوه عيباً غير هذا لقالوه.
وأما قول ابن سلام: "الخليفة من بعد نوح" فقد اختلف الناس في ذلك، فقال بعض أهل العلم: أراد بقوله "نوح" عمر بن الخطاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه بذلك حين استشاره، واستشار أبا بكر في أسارى بدر، فأشار أبوبكر بالمنّ عليهم، وأشار عمر بقتلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "إن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم حين قال: "فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم"، وعيسى حين قال:"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح حين قال:"رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا"، " فشبه النبي ⦗١٩٥⦘ صلى الله عليه وسلم عمر في شدته وفظاظته وغلظته في ذات الله وأمره بنوح عليه السلام، فأراد ابن السلام أن عثمان كان الخليفة بعد نوح، ⦗١٩٦⦘ يعني عمر بتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له بنوح.
وقوله: "يوم القيامة" يريد يوم الجمعة؛ لأن القيامة فيه تقوم كما روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكقول كعب، ⦗١٩٧⦘ حين رأى رجلاً يخاصم رجلاً يوم الجمعة، فقال: ويحك تكلم رجلاً يوم القيامة.
وقيل في الخليفة من بعد نوح تفسير آخر، وأن ابن سلام ما أراد إلا نوحا النبي نفسه؛ لأن الناس كانوا في وقته في عافية وأمن وطمأنينة، فلما أبوا إلا عصيانه دعا عليهم فكان هلاكهم في دعوته، فأراد أن الناس في زمن عثمان في عافية وسلام، وان في قتله سلّ السيف والفتن إلى يوم القيامة.