وبالحري، أن نذكر الآن من مجمل القول ما دلّ على جهل أصحاب هذه المقالات، وقبح مذاهب أهل الجهالات، مما دلنا عليه سلفنا وأئمتنا، وعَدَلت في الشهادة، ووضحت به الدلالة، من الكتاب المنزل وما قاله النبي المرسل.
فنقول: إنا وجدنا الأمم السالفة، والقرون الماضية من أهل الكتب المختلفة، ومن كان بعدهم من الباقين والغابرين، مجمعين لا يختلفون، ومتفقين لا يتنازعون أنه لم يكن نبي قط في زمان من الأزمان، ولا وقت من الأوقات، قبضه الله تعالى إلا تلاه وخلفه نبي بعده، يقوم مقامه، ويحيي سنته، ويدعو إلى دينه وشريعته، فإن لم يكن نبي يتلوه فأفضل أهل زمانه، لا ينكر ذلك أحد من الأمم.
فكان إبراهيم، ثم خلفه إسحاق من بعده، ثم كان بعد إسحاق يعقوب، فكان في عقب كل نبي نبي أو رجل يتلوه أفضل أهل زمانه، ثم كان موسى فقام من بعده يوشع بن نون، ثم