٦٧٩ - وَأُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: " لَا تُجَالِسْ صَاحِبَ كَلَامٍ , وَإِنْ ذَبَّ عَنِ السُّنَّةِ , فَإِنَّهُ لَا يَئُولُ أَمْرُهُ إِلَى خَيْرٍ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ حُذِّرْنَا الْخُصُومَةَ , وَالْمِرَاءَ , وَالْجِدَالَ , وَالْمُنَاظَرَةَ , وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ , وَإِنَّ هَذِهِ سَبِيلُ الْعُلَمَاءِ , وَطَرِيقُ الصَّحَابَةِ وَالْعُقَلَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْعُلَمَاءِ الْمُسْتَبْصِرِينَ , فَإِنْ جَاءَنِي رَجُلٌ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ الَّتِي قَدْ ظَهَرَتْ , وَالْمَذَاهِبِ الْقَبِيحَةِ الَّتِي قَدِ انْتَشَرَتْ , وَيُخَاطِبُنِي مِنْهَا بِأَشْيَاءَ يَلْتَمِسُ مِنِّي الْجَوَابَ عَلَيْهَا , وَأَنَا مِمَّنْ قَدْ وَهَبَ اللَّهُ الْكَرِيمُ لِي عِلْمًا بِهَا , وَبَصَرًا نَافِذًا فِي كَشْفِهَا , أَفَأَتْرُكُهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا يُرِيدُ وَلَا أُجِيبُهُ , وَأُخَلِّيهِ وَهَوَاهُ وَبِدْعَتَهُ , وَلَا أَرُدُّ عَلَيْهِ قَبِيحَ مَقَالَتِهِ؟ فَإِنِّي أَقُولُ لَهُ: اعْلَمْ يَا أَخِي رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ الَّذِي تُبْلَى بِهِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ لَنْ يَخْلُوَ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِمَّا رَجُلًا قَدْ عَرَفْتَ حُسْنَ طَرِيقَتِهِ , وَجَمِيلَ مَذْهَبِهِ , وَمَحَبَّتَهُ لِلسَّلَامَةِ , وَقَصْدَهُ طَرِيقَ الِاسْتِقَامَةِ , وَإِنَّمَا قَدْ طَرَقَ سَمْعَهُ مِنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ سَكَنَتِ الشَّيَاطِينُ قُلُوبَهُمْ , فَهِيَ تَنْطِقُ بِأَنْوَاعِ الْكُفْرِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ , وَلَيْسَ يَعْرِفُ وَجْهَ الْمَخْرَجِ مِمَّا قَدْ بُلِيَ بِهِ , فَسُؤَالُهُ سُؤَالُ مُسْتَرْشِدٍ يَلْتَمِسُ الْمَخْرَجَ مِمَّا بُلِيَ بِهِ , وَالشِّفَا مِمَّا أُوذِيَ. . . . . . . إِلَى عِلْمِكَ حَاجَتُهُ إِلَيْكَ حَاجَةُ ⦗٥٤١⦘ الصَّادِي إِلَى الْمَاءِ الزُّلَالِ , وَأَنْتَ قَدِ اسْتَشْعَرْتَ طَاعَتَهُ , وَآمَنْتَ مُخَالَفَتَهُ , فَهَذَا الَّذِي قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْكَ تَوْفِيقَهُ وَإِرْشَادَهُ مِنْ حَبَائِلِ كَيْدِ الشَّيَاطِينِ , وَلْيَكُنْ مَا تُرْشِدُهُ بِهِ , وَتُوقِفُهُ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الصَّحِيحَةِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ , وَكُلُّ ذَلِكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ , وَإِيَّاكَ وَالتَّكَلُّفَ لِمَا لَا تَعْرِفُهُ , وَتَمَحُّلَ الرَّأْيِ , وَالْغَوْصَ عَلَى دَقِيقِ الْكَلَامِ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِكَ بِدْعَةٌ , وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ السُّنَّةَ , فَإِنَّ إِرَادَتَكَ لِلْحَقِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْحَقِّ بَاطِلٌ , وَكَلَامَكَ عَلَى السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ السُّنَّةِ بِدْعَةٌ , وَلَا تَلْتَمِسْ لِصَاحِبِكَ الشِّفَاءَ بِسَقَمِ نَفْسِكَ , وَلَا تَطْلُبْ صَلَاحَهُ بِفَسَادِكَ , فَإِنَّهُ لَا يَنْصَحُ النَّاسَ مَنْ غَشَّ نَفْسَهُ , وَمَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ لَا خَيْرَ فِيهِ لِغَيْرِهِ , فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ وَفَّقَهُ وَسَدَّدَهُ , وَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ أَعَانَهُ وَنَصَرَهُ "