للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٨٣ - حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَصْرَوِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ , قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ , سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ مَعَ هَؤُلَاءِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي مَوْضِعِ جِنَازَةٍ , أَوْ مَقْبَرَةٍ , فَيَتَكَلَّمُونَ , وَيُعْرِضُونَ فَتَرَى لَنَا أَنْ نُجِيبَهُمْ , فَقَالَ: «إِنْ كَانَ مَعَكَ مَنْ لَا يَعْلَمُ , فَرُدُّوا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَرَى أُولَئِكَ أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا يَقُولُونَ , وَإِنْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَهُمْ فَلَا تُكَلِّمُوهُمْ , وَلَا تُجِيبُوهُمْ , فَهَذَانِ رَجُلَانِ قَدْ عَرَّفْتُكَ حَالَهُمَا , وَلَخَّصْتُ لَكَ وَجْهَ الْكَلَامِ لَهُمَا , وَثَالِثٌ مَشْئُومٌ قَدْ زَاغَ قَلْبُهُ , وَزَلَّتْ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ ⦗٥٤٣⦘ قَدَمُهُ , فَعَشِيَتْ بَصِيرَتُهُ , وَاسْتَحْكَمَتْ لِلْبِدْعَةِ نُصْرَتُهُ , يُجْهِدُهُ أَنْ يُشَكِّكَ فِي الْيَقِينِ , وَيُفْسِدَ عَلَيْكَ صَحِيحَ الدِّينِ» فَجَمِيعُ الَّذِينَ رُوِّينَاهُ , وَكُلُّ مَا حَكَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَجْلِهِ وَبِسَبَبِهِ , فَإِنَّكَ لَنْ تَأْتِيَ فِي بَابٍ حُصِرَ مِنْهُ , وَوَجِيعُ مَكِيدَتِهِ أَبْلَغُ مِنَ الْإِمْسَاكِ عَنْ جَوَابِهِ , وَالْإِعْرَاضِ عَنْ خَطَأٍ بِهِ , لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ مُنَاظَرَتِكَ أَنْ يَفْتِنَكَ فَتَتْبَعَهُ , فَيَمَلًَّكَ وَيَيْأَسَ مِنْكَ فَيُشْفِيَ غَيْظَهُ أَنْ يُسْمِعَكَ فِي دِينِكَ مَا تَكْرَهُهُ , فَأَخْسِئْهُ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُ , وَأَذِلَّهُ بِالْقَطِيعَةِ لَهُ , أَلَيْسَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ حِينَ قَالَ لَهُ الْقَائِلُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ تَعَالَ حَتَّى أُخَاصِمَكَ فِي الدِّينِ , فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَبْصَرْتُ دِينِي , فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَضْلَلْتَ دِينَكَ , فَالْتَمِسْهُ. وَأَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ حِينَ جَاءَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ , فَقَالَ لَهُ: أَمَّا أَنَا فَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي , وَأَمَّا أَنْتَ فَشَاكٌّ , فَاذْهَبْ إِلَى شَاكٍّ مِثْلِكَ فَخَاصِمْهُ. فَهَلْ يَأْتِي فِي جَوَابِ الْمُخَالِفِ مِنْ جَمِيعِ الْحُجَجِ حُجَّةٌ هِيَ أَسْخَنُ لِعَيْنِهِ , وَلَا أَغْيَظُ لِقَلْبِهِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحُجَّةِ؟ وَالْجَوَابُ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ: لَا تُجَالِسْ مَفْتُونًا , فَإِنَّهُ لَنْ يُخْطِئَكَ إِحْدَى اثْنَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَفْتِنَكَ فَتَتْبَعَهُ , وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِيَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ " وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ حِينَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أُكَلِّمُكَ بِكَلِمَةٍ , فَوَلَّى عَنْهُ , وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ: وَلَا نِصْفِ كَلِمَةٍ , وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ حِينَ قَالَ لِابْنِ أَبِي يَحْيَى: الْقَلْبُ ضَعِيفٌ , وَلَيْسَ الدِّينُ لِمَنْ غُلِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>