للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُمْ لَيْسَ الِاخْتِلَافُ يَعِيبُونَ , وَلَا لَهُ يَقْصِدُونَ , وَإِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ عَلِمُوا أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ وَأَهْلَ الذِّمَّةِ وَالْمُلُوكَ وَالسُّوقَةَ وَالْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ وَأَهْلَ الدُّنْيَا كَافَّةً إِلَى الْفُقَهَاءِ يَرْجِعُونَ , وَلِأَمْرِهِمْ يُطِيعُونَ , وَبِحُكْمِهِمْ يَقْضُونَ فِي كُلِّ مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ , وَفِي كُلِّ مَا يَتَنَازَعُونَ فِيهِ , فَعَلَى فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَعُولُونَ فِي رُجُوعِ النَّاسِ إِلَى فُقَهَائِهِمْ , وَطَاعَتُهُمْ لِعُلَمَائِهِمْ ثَبَاتٌ لِلدِّينِ , وَإِضَاءَةٌ لِلسَّبِيلِ , وَظُهُورٌ لِسُنَّةِ الرَّسُولِ , وَكُلُّ ذَلِكَ , فَفِيهِ غَيْظٌ لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ , وَاضْمِحْلَالٌ لِلْبِدَعِ , فَهُمْ يُوهُونَ أَمْرَ الْفُقَهَاءِ , وَيُضَعِّفُونَ أُصُولَهُمْ , وَيَطْعَنُونَ عَلَيْهِمْ بِالِاخْتِلَافِ لِتَخْرُجَ الرَّعِيَّةُ عَنْ طَاعَتِهِمْ , وَالِانْقِيَادِ لِأَحْكَامِهِمْ , فَيُفْسَدُ الدِّينُ , وَتُتْرَكُ الصَّلَوَاتُ وَالْجَمَاعَاتُ , وَتُبْطَلُ الزَّكَوَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ , وَيُسْتَحَلُّ الرِّبَا وَالزِّنَا وَالْخُمُورُ وَالْفُجُورُ , وَمَا قَدْ ظَهَرَ مِمَّا لَا خِفَاءَ بِهِ عَلَى الْعُقَلَاءِ. فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ يَا أَخِي رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ , وَيَعِيبُونَ مَا يَأْتُونَ , وَيَجْحَدُونَ مَا يَعْلَمُونَ , وَيُبْصِرُونَ الْقَذَى فِي عُيُونِ غَيْرِهِمْ , وَعُيُونُهُمْ تَطْرِفُ عَلَى الْأَجْذَالِ , وَيَتَّهِمُونَ أَهْلَ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ فِي النَّقْلِ , وَلَا يَتَّهِمُونَ آرَاءَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ عَلَى الظَّنِّ , وَهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ اخْتِلَافًا , وَأَشَدُّهُمْ تَنَافِيًا وَتَبَايُنًا , لَا يَتَّفِقُ اثْنَانِ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ عَلَى قَوْلٍ , وَلَا يَجْتَمِعُ رَجُلَانِ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى مَذْهَبٍ. فَأَبُو الْهُذَيْلِ يُخَالِفُ النَّظَّامَ ,

<<  <  ج: ص:  >  >>