للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ , عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفِلَسْطِينِيِّ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ , أَخُو حُذَيْفَةَ , عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ , قَالَ: «أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ , وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ , وَلَيُصَلِّيَنَّ النِّسَاءُ وَهُنَّ حُيَّضٌ , وَلَيُنْقَضَنَّ الْإِسْلَامُ عُرْوَةً عُرْوَةً , وَلَتَرْكَبُنَّ طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ , وَحَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ , لَا تُخْطِئُونَ طَرِيقَهُمْ , وَلَا يَخْطَأُ بِكُمْ» قَالَ الشَّيْخُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَاقِلًا أَمْعَنَ النَّظَرَ الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ لَعَلِمَ أَنَّ أُمُورَ النَّاسِ تَمْضِي كُلُّهَا عَلَى سُنَنِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَطَرِيقَتِهِمْ ⦗٥٧٢⦘ وَعَلَى سُنَّةِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ , وَعَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةِ , فَمَا طَبَقَةٌ مِنَ النَّاسِ وَمَا صِنْفٌ مِنْهُمْ إِلَّا وَهُمْ فِي سَائِرِ أُمُورِهِمْ مُخَالِفُونَ لِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ , وَسُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضَاهُونَ فِيمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ وَالْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَهُمْ , فَإِنْ صَرَفَ بَصَرَهُ إِلَى السَّلْطَنَةِ وَأَهْلِهَا وَحَاشِيَتِهَا , وَمَنْ لَاذَ بِهَا مِنْ حُكَّامِهِمْ وَعُمَّالِهِمْ وَجَدَ الْأَمْرَ كُلَّهُ فِيهِمْ بِالضِّدِّ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ , وَنُصِّبُوا لَهُ فِي أَفْعَالِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ وَزِيِّهِمْ , وَلِبَاسِهِمْ , وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ النَّاسِ بَعْدَهُمْ مِنَ التُّجَّارِ وَالسُّوقَةِ , وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَطَالِبِيهَا مِنَ الزُّرَّاعِ وَالصُّنَّاعِ وَالْأُجَرَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ. وَمَتَى فَكَّرْتَ فِي ذَلِكَ وَجَدْتَ الْأَمْرَ كَمَا أَخْبَرْتُكَ فِي الْمَصَائِبِ وَالْأَفْرَاحِ وَفِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْآنِيَةِ وَالْأَبْنِيَةِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْخُدَّامِ وَالْمَرَاكِبِ وَالْوَلَائِمِ وَالْأَعْرَاسِ وَالْمَجَالِسِ وَالْفُرُشِ وَالْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ , وَكُلِّ ذَلِكَ فَيَجْرِي خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالضِّدِّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ , وَنُدِبَ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ , وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَمَلَكَ وَاقْتَنَى وَاسْتَأْجَرَ وَزَرَعَ وَزَارَعَ , فَمَنْ طَلَبَ السَّلَامَةَ لِدِينِهِ فِي وَقْتِنَا هَذَا مَعَ النَّاسِ عُدِمَهَا , وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْتَمِسَ مَعِيشَةً عَلَى حُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقْدَهَا , وَكَثُرَ خُصَمَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ وَمُخَالِفُوهُ وَمُبْغِضُوهُ فِيهَا , فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَمَا أَشَدَّ تَعَذُّرَ السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ فِي هَذَا الزَّمَانِ , فَطُرُقَاتِ الْحَقِّ خَالِيَةٌ مِقْفِرَةٌ مُوحِشَةٌ قَدْ عُدِمَ سَالِكُوهَا وَانْدَفَنَتْ مَحَاجُّهَا , وَتَهَدَّمَتْ صَوَايَاهَا وَأَعْلَامُهَا , وَفُقِدَ أَدْلَاؤُهَا وَهُدَاتُهَا , قَدْ وَقَفَتْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى فِجَاجِهَا وَسُبُلِهَا تُتَخَطَّفُ النَّاسُ عَنْهَا , فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ , فَلَيْسَ يَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ وَيُهِمُّهُ إِلَّا رَجُلٌ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ , قَدْ أَدَّبَهُ الْعِلْمُ وَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ بِالْإِيمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>