للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٤٣ - حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْمَحَامِلِيُّ , قَالَ: نا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ , وَيُوسُفُ الْقَطَّانُ , قَالَا: نا وَكِيعٌ , وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاذِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: نا وَكِيعٌ , قَالَ: نا سُفْيَانُ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» قَالَ الشَّيْخُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ , فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ الْحَيَاءُ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ , وَالْإِيمَانُ إِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ , وَالْحَيَاءُ سَجِيَّةٌ غَرِيزِيَّةٌ يُطْبَعُ عَلَيْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ؟ فَنَقُولُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ , وَارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالتَّصْدِيقُ لَهُ فِيمَا تَوَاعَدَ عَلَيْهَا مِنَ الْعِقَابِ وَأَلِيمِ الْعَذَابِ , وَكَذَلِكَ يَقُودُهُ إِلَى الْبِرِّ وَاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ , وَالتَّصْدِيقِ لَهُ فِيمَا وَعَدَ , وَضَمَنَ لِفَاعِلِهَا مِنْ حُسْنِ الْمَآبِ , وَجَزِيلِ الثَّوَابِ , وَكَذَلِكَ تَجِدُ الْمُسْتَحِيَ يَنْقَطِعُ بِالْحَيَاءِ عَنْ كَثِيرٍ ⦗٦٥٧⦘ مِنَ الْمَعَاصِي , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَقِيَّةً , فَصَارَ الْحَيَاءُ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْإِيمَانُ مِنْ تَرْكِ الْمَعَاصِي. وَكَذَلِكَ أَيْضًا رُبَّمَا سُئِلَ الرَّجُلُ فِي نَوَائِبِ الْمَعْرُوفِ , وَاصْطِنَاعِ الْخَيْرِ , فَأَجَبْتُ سَائِلَهُ حَيَاءً مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَاكَ نِيَّةٌ سَبَقَتْ فِيهِ. وَقَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ , إِنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَلُنِي , وَأَنَا أَمْقُتُهُ فَمَا أُعْطِيهِ إِلَّا حَيَاءً , فَهَلْ لِي فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ؟ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ , وَإِنَّ فِي الْمَعْرُوفِ لَأَجْرًا. وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا حَدِيثُ:

٨٤٤ - سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ قِلَّةَ الْحَيَاءِ كُفْرٌ» , فَهَذَا شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: «الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» , وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَلَّ حَيَاؤُهُ ارْتَكَبَ الْفَوَاحِشَ , وَاسْتَحْسَنَ الْقَبَائِحَ , وَجَاهَرَ بِالْكَبَائِرِ , فَكَأَنَّهُ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ الْكُفْرِ , فَصَارَ هَذَا تَخْرِيجٌ عَلَى التَّضَادِ , الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ , وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ شُعْبَةٌ مِنَ الْكُفْرِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْحَيَاءَ , وَالتُّقَى , وَالْعِفَّةَ , وَالْغِنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>