لماذا لم يأت بها مرفوعة ووضعها في نهاية الترتيب؟ هنا ندخل في مسألة التقديم والتأخير وليست في مسألة المعنى. وهي ليست الآية الوحيدة التي فيها تغيّر إعرابي. في آية التوبة (وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (٣) التوبة) ما قال ورسولَه مع أنه يمكن العطف على لفظ الجلالة الله، لم يعطف على إسم الجلالة وإنما عطف على المحل أي (ورسوله بريء) لأن براءة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست ندّاً براءة الله تعالى ولكنها تبع لها وليست مثلها، براءة الله تعالى هي الأولى ولو قال ورسولَه تكون مؤكدة كالأولى فإشارة إلى أن براءته ليست بمنزلة براءة الله سبحانه وتعالى وإنما هي دونها فرفع على غير إرادة (إنّ) . حتى في الشعر العربي:
إن النبوةَ والخلافةَ فيهم والمكرماتُ وسادةٌ أطهارُ
قال المكرماتُ ولم يقل المكرماتِ لأن هؤلاء السادة لا يرتقون لا إلى النبوة ولا إلى الخليفة. هذه الدلالة موجودة في الشعر ففهمها العرب.