ذكر الباء في الآية الأولى (بأن) وحذفها في الثانية (أن) مع أن التقدير هو (بأن) لماذا؟ لأن تبشير المنافقين آكد من تبشير المؤمنين، ففي السورة الأولى أكّد وفصّل في عذاب المنافقين في عشرة آيات من قوله (ومن يكفر بالله وملائكته) . أما في الآية الثانية فهي الآية الوحيدة التي ذكر فيها كلاماً عن الجزاء وصفات المؤمنين في كل سورة البقرة. إذن (بأن) أكثر من (أن) فالباء الزائدة تناسب الزيادة في ذكر المنافقين وجزاؤهم.
وقال تعالى في سورة الأحزاب (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (٤٧)) لأنه تعالى فصّل في السورة جزاء المؤمنين وصفاتهم.
قال تعالى في سورة المؤمنون (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩)) وقال في سورة الزخرف (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٣)) ذكر الواو في الأولى (ومنها) وحذف الواو في الثانية (منها) لماذا؟ في سورة المؤمنون السياق في الكلام عن الدنيا وأهل الدنيا وتعداد النعم قال (ومنها تأكلون) فالفاكهة في الدنيا ليست للأكل فقط فمنها ما هو للإدخار والبيع والمربّيات والعصائر فكأنه تعالى يقصد بالآية: ومنها تدّخرون، ومنها تعصرون ومنها تأكلون وهذا ما يُسمّى عطف على محذوف. أما في سورة الزخرف فالسياق في الكلام عن الجنة والفاكهة في الجنة كلها للأكل ولا يُصنع منها أشياء أخرى.