وبالمقابل له أكثر من غرض متى يستعمل الفعل الماضي في المضارع؟ قال تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) حكاية الحال الفعل الماضي تضفي عليه الحركة والحيوية وتجعله كأنه معاصر خاصة في الأمور المهمة. وقال تعالى (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) لم يقل قتلتم وهذا من باب التشنيع على الفعل فعندما تكون الأمور مهمة التي تحتاج إلى جعلها صورة معاصرة لأن الإنسان يتفاعل مع الصور الحيّة معه القريبة منه وهي ليست كالأحداث الماضية البعيدة عنه، فقد نسمع أحداث ماضية ولا نتفاعل معها لكننا بالتأكيد نتفاعل مع حادثة قتل أمامنا مثلاً. فالعرب عموماً إذا أرادوا حكاية الحال ليعبّروا عن الأحداث الماضية يجعلونها حيّة. ويقول النحاة إما ينقلك إلى الحدث أو ينقل الحدث إليك. وكلاهما تعبير عن الأفعال الماضية بالفعل المضارع ويدخل في زمن الفعل. وللفعل أزمان متعددة وللفعل الماضي وحده ١٦ زمن وما يُدرس في المدارس والجامعات هو زمن واحد أي الماضي فقط.
فالتضاد من الخطوط التعبيرية في السورة فما فائدة التضادّ في اللغة؟ التضاد يُبرز المعنى ويوضحه. والشيء يُظهر حسنه الضدّ.
لمسات بيانية في سورة الليل
قوله:(والليل إذا يغشى - والنهار إذا تجلى - وما خلق الذكر والأنثى - إن سعيكم لشتى -)
ما الحكم البياني في استخدام بالفعل المضارع (يغشى) مع الليل والفعل الماضي (تجلى) مع النهار؟
سورة الليل تبدأ بقوله تعالى (والليل إذا يغشى) هو سبحانه أقسم بالليل وقت غشيانه ونلاحظ أن المفعول لفعل يغشى محذوف فلم يقل سبحانه ماذا يغشى الليل، هل يغشى النهار أو الشمس لأنه سبحانه أراد أن يطلق المعنى ويجعله يحتوي كل المعاني المحتملة. (والنهار إذا تجلى) أي كشف وظهر.