للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٧ـ ثم انظر كيف ناسب المجيء بالفاء الدالة على قصر الوقت حذف حرف النداء، فقال: (رب) ولم يقل: (يا رب) لأن الوقت لم يعد يحتمل التضييع في الكلام فيأتي بـ (يا) بل يريد أن يستعجل في طلبه، فيختصر من الكلام ما لا حاجة له به ليفرغ إلى مراده.

٨ـ جاء بـ (لولا) فقال: (لولا أخرتني) ولم يقلك (لو أخرتني) لأن (لولا) أشد في الطلب من (لو) وقائلها أكثر إلحاحاً من قائل: (لو) فإن (لو) تكون للطلب برفق، وأما (لولا) فتكون للطلب بشدة وحث، ومعنى ذلك أن ما هو فيه يستدعي الإلحاح في الطلب، وأن يجأر به وأن يأتي بما هو من أشد أدوات الطلب قوة، كما أنها من أدوات التنديم وفيها تنديم للنفس على ما فرط، ولو جاء بـ (لو) لفاد العرض الخفيف.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن (لو) قد تفيد التمني، والتمني قد يكون ميئوسا منه ليس لصاحبه فيه مطمع نحو (لو يعود الميت إلى الحياة، فيخبر الناس بما هو فيه) في حين أن هذا القائل ليس متمنياً، بل هو طالب للعودة، سائل لها فلو جاء بـ (لو) لأفاد أن هذا من باب التمني الذي يتمناه الإنسان، ولا يرجو وقوعه كقول القائل: (ألا ليت الشباب يعود يوماً) والتمني قد يكون فيحال العافية كما يكون في غيرها في حين أن هذا طالب للتأخير وليس متمنياً.

٩ـ جاء بالفعل الماضي بعد (لولا) فقال: (لولا أخرتني) ولم يقل: (لولا تؤخرني) ذلك أن المحذور وقع في حين أن الفعل المضارع قد يفيد أن ألأمر لم يقع بعد، وأن في الأمر سعة وذلك نحو قوله تعالى: (لو نشاء جعلناه أجاجاً فولا تشكرون) [الواقعة] وقوله: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النمل] .

هذا علاوة على ما يفيد دخول (لولا) على الماضي من قوة الطلب وشدته، وإن كان مستقبل المعنى.

<<  <   >  >>