وهذا التأكيد يذكرنا بسورة يس (قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦)) وقد أكّد في هذه الآية مرتين مع أنه في الآية التي سبقت (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤)) أكدّ مرة واحدة لأن الله تعالى أرسل لهم في البداية رسولين فكذبوهما ثم عزز بثالث فأنكروا إنكاراً أكبر لذا جاء التوكيد في الآية الثانية واقتضى أن يؤكد أكثر فصار التوكيد بالقسم لأن (ربنا يعلم) قسم في لغة العرب فلما ازداد الإنكار ازداد التوكيد.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا) في هذه الآية ذكر تعالى (عليك) وفي آية سورة الحجر قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)) فما دلالة (عليك) في آية سورة الإنسان؟
لو نلاحظ ما جاء بعد هذه الآية لوجدنا أن الكلام موجه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالأوامر والنواهي (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (٢٦)) وهناك أمور تتعلق بالرسول المخاطب لذا استخدم (عليك) . أما في آية سورة الحجر فلم يرد في الآيات التي سبقت أو تلت ما يتعلق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لكن الكلام متعلق بالقرآن (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢)) وكل الكلام عن الذكر وليس عن الرسول.
لماذا جاء ذكر كلمة (القرآن) في آية سورة الإنسان وكلمة (الذكر) في آية سورة الحجر؟