التوكيد يكون بحسب الحاجة وبحسب إنكار المخاطب للأمر. إذا كان المخاطب يقبل الأمر لا يوجد داعي للتوكيد لكن أكثر الناس يرفضون هذا الأمر لقوله تعالى:(وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) وهذا الشيء ينازع فيه كثير من الناس في زمن الرسول أو الآن ويرفضون الفكرة وينسبون الهدى لأنفسهم وأنهم هم الذين يبينونه وينازعون فيه لذا وجب التوكيد، لذا المسألة تحتاج إلى توكيد بالمعنيين: الهدى علينا حصراً والمعنى الآخر: طريق الهدى هو الطريق الذي يوصل إلى الله. ولو جاءت الآية (إن الهدى لعلينا) هذا يؤكد المعنى الثاني ويؤدي إلى فوات معنى الحصر الأول.
في عموم القرآن هناك ارتباط بين الآيات وما يسبقها أو يليها، (إن علينا للهدى) مرتبطة بما قبلها (إن سعيكم لشتى) لأنه لو ابتغى الناس الهدى عند الله لما تشتت سعيهم ومرتبطة بالآية (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) لأنها من الهدى الذي ييسره الله تعالى.
- قوله (وإن لنا للآخرة والأولى -) .
وهذه الآية مرتبطة أيضاً بما قبلها (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى)(وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى) لأن الذي يعطي ويتقي يريد الآخرة فقال الله تعالى (إن لنا للآخرة) والذي يبخل يريد الدنيا فقال تعالى (والأولى) فالآخرة والأولى لله وحده فيجب أن نتبع هدى الله تعالى في الأولى والآخرة. ومرتبطة كذلك بالآية (فسنيسره لليسرى)(فسنيسره للعسرى) لأن التيسير والتعسير إما أن يكونا في الدنيا أو في الآخرة ولله الآخرة والأولى. إذن علينا أن نتبع ما أراد الله منا.