والأمر الآخر أن هناك ترابط بين السورتين بدليل: قال تعالى في سورة الفجر: (وتأكلون التراث أكلاً لمّاً) ، وقال في سورة البلد:(أو إطعام في يوم ذي مسغبة) فكما تأكل يجب أن تطعم.
في سورة البلد على العموم استوفت كل عناصر البلاغ والإرسال: موطن الرسالة (لا أقسم بهذا البلد) والرسول (وأنت حل بهذا البلد) والمرسل إليه وهو الإنسان (ووالد وما ولد) والرسالة وهي الإيمان والعمل الصالح (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) وأصناف الخلق بالنسبة للإستجابة للرسالة (أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة) .
- قوله (لا أقسم بهذا البلد)
ما دلالة (لا) في القسم؟
أولاً لم يرد في القرآن كلّه (أقسم بـ) أبداً، كل القسم في القرآن ورد باستخدام (لا) كقوله تعالى: (لا أقسم بمواقع النجوم)(ولا أقسم بالخنّس)(فلا وربّك لا يؤمنون) وهكذا في القرآن كله.
فما هي (لا) ؟ اختلف النحاة في دلالة (لا) : كلام عام من (لا أقسم عموماً) يقولون (لا) زائدة لتوكيد القسم بمعنى (أقسم) مثال قولنا: والله لا أفعل معناها لا أفعل، ولو قلنا: لا والله لا أفعل معناها لا أفعل، لا يختلف المعنى والقسم دلالة واحدة. وقسم يقولون هي للنفي (أي نفي القسم) والغرض منه أن الأمر لا يحتاج للقسم لوضوحه فلا داعي للقسم، وقسم قال أنها تنفي لغرض الإهتمام كأن تقول لا أوصيك بفلان (بمعنى لا أحتاج لأن أوصيك) . وفي السورة (لا أقسم بهذا البلد) تدور (لا) في كل هذه الأمور على أنها توكيد للقسم بمعنى (أقسم بهذا البلد) ، إذن الغرض للتوكيد لأن الأمر فيه عناية واهتمام.
- قوله (وأنت حل بهذا البلد -)
ما اللمسة البيانية في قوله تعالى (حِلّ) عوضاً عن كلمة حالّ أو مقيم؟