للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لهذا التعبير عدة دلالات: قسم قال المقصود به الإنسان (آدم وذريته) ، وقسم قال أن المقصود كلّ والد وما ولد من الأناسيّ والبهائم ولذا لم يقل ومن ولد وإنما قال وما ولد (المقصود به العموم وليس الخصوص ومن جملته آدم وذريته) وخصص بعد. أما ارتباطه بالمقسم عليه فهو أن جواب القسم (لقد خلقنا الإنسان في كبد) والكبد هو المشقة والشدّة، والولادة هي المكابدة والشدّة والمشقة فإذن ارتبطت بقوله (لقد خلقنا الإنسان في كبد) ثم ارتبطت بآخر السورة (وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) لأن الوالد يحتاج في تربية ولده إلى صبر ومرحمة سواء كان من الأناسيّ أو البهائم ولولاهما لما استطاع تربية أبنائه. وهي مناسبة لجو السورة الذي كله يقوم على المكابدة والمشقة والصبر والمرحمة والإطار العام للسورة، وارتبط بما كان يلاقيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكابدة ومشقة.

- قوله (لقد خلقنا الإنسان في كبد -)

ما هو ارتباط الجواب بالقسم وما هي دلالة كبد؟

الكبد له أكثر من دلالتين فهو يعني:

الشدة والمشقة: يكابد مشاق الدنيا والآخرة ولم يقل خلقنا الإنسان مكابداً. (في كبد) تعني أنه مغمور في الشدائد والمشقات منذ قطع سرّته والمشاق تحيط به وهو منغمر فيها إلى أن يقتحم العقبة فأما أن ينجو أو أن يكون في النار.

للقوة والصلابة والشدة: والكبدة هي القطعة من الأرض الصلبة يقال (أرض كبداء) لأن الذي خُلق للمشاقّ ينبغي أن يكون متحملاً للشدائد فهي من لوازم المعنى الأول.

أما ارتباط الجواب بالقسم: السورة كلها مبنية على هذا الأمر أي الكبد وكل تعبير مبني على ذلك. لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد وقد ذكرنا عدة معاني لكلمة (حِل)

فإذا كان المعنى الأول أي بمعنى (حالّ) فهو يلقى من قومه ما يلقاه من العنت فهو في كبد مم يلاقيه من المشقة وهو يلقاها بقوة وثبات وتحمّل.

<<  <   >  >>