مؤصدة معناها مطبقة من أوصد الباب بمعنى لا ضوء ولا مخرج ولا فرج فيها. فلماذا قدم الجار والمجرور؟ تقديم الجار والمجرور هو للقصر بمعنى أنها مؤصدة عليهم حصراً أما إذا أخّر الجار والمجرور فقد يُفهم المعنى على أن النار المؤصدة ليست محصورة بالكفار ولكنها قد تكون مؤصدة على غيرهم أيضاً إذن الآيات متفقة مع بعضها النار على هؤلاء الذين كفروا وأصحاب المشئمة النار مؤصدة عليهم حصراً فالقصر هو الذي يؤدي المعنى المطلوب.
ورد في بعض القراءات لفظ (موصدة) فأيهما أصح؟
كلتا القراءتين متواترتين وكلتاهما من القراءات السبع الصحيحة وليس للقارئ أن يُرجّح إنما له أن يختار فقد يختار موصدة أو مؤصدة؛ مؤصدة وموصدة لغتان الفعل الأصلي (أصد وآصد مؤصدة) والآخر (وصد وأوصد موصدة ومنها الوصيد) ، فمن كان لغته آصد اختار مؤصدة ومن كان لغته وصد اختار موصدة، وأنا شخصياً (والكلام للدكتور فاضل السامرائي) أختار لفظ (مؤصدة) بالهمزة لأنها مناسبة للحالة التي هم عليها فاليوم ثقيل وما هم فيه ثقيل حتى صوت الهمزة في (مؤصدة) وقعها ثقيل على السمع وهو أنسب مع جو المكابدة في السورة.
في سورة الهمزة وصف تعالى بقوله (إنها عليهم مؤصدة* في عمد ممددة) وفي هذه السورة لم يعقّب على النار بشيء فما اللمسة البيانية في هذا؟
لو لاحظنا المذكورين في سورة الهمزة نلاحظ أنه تعالى قد توسّع في ذكر صفات المعذّب (ويل لكل همزة لمزة، الذي جمع مالاً وعدده، ... ) وكما توسّع في الصفات توسّع أيضاً في العذاب (في عمد ممددة) أما في سورة البلد فلم يتوسع في ذكر صفات المعذبين وإنما قال (والذين كفروا) هذا والله أعلم.