ولا ندري هل لبدء السورة بالقسم بالشجر الذي يذكر أن له أصلاً في الجنة أعني التين له علاقة بعدد آيات هذه السورة أو لا؟ فإن عدد آيات هذه السورة ثمانية وهن بعدد أبوبا الجنة. وقد يكون هذا القول خرصاً محضاً وأنا أميل إلى ذلك، ولكنا قد وجدنا شيئاً من أنواع هذه العلاقات في القرآن. فقد تكرر كما سبق أن ذكرنا قوله تعالى (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الرحمن) ، عند الكلام في وصف الجنة ثماني مرات بعدد أبواب الجنة، وحصل هذا مرتين في السورة، وتكرر في الوعيد سبع مرات بعدد أبواب جهنم (انظر ملاك التأويل) ابتداء من قوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (٣١) الرحمن) . وقالوا إن سورة القدر ثلاثون كلمة بعدد أيام شهر رمضان وإن قوله (هي) في قوله تعالى (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥) القدر) هي الكلمة السابعة والعشرون وهي إشارة إلى أن هذه الليلة هي الليلة السابعة والعشرون من رمضان.
وعلى أي حال فإن كثيراً من هذه العلاقات ربما كانت موافقات والله أعلم.
وقيل: إن المقصود بالتين والزيتون جبلان من الأرض المقدسة يقال لهما بالسريانة طور تينا وطور زيتا لأنهما منبتا التين والزيتون. (التفسير الكبير ٣٢/٩، روح المعاني ٣٠/١٧٤) .
والعلاقة بين التين والزيتون وما بعدهما ليست ظاهرة على هذا إلا بتكلف. وقيل: " هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار فالأول: محله التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى بن مريم - عليه السلام - والثاني: طور سنين وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران - عليه السلام -، والثالث: مكة وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - (تفسير ابن كثير ٤/٥٢٦) .