للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومعنى قوله (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) التين) أنه صيّره على أحسن ما يكون في الصورة والمعنى والإدراك وفي كل ما هو أحسن (روح المعاني ٣٠/١٧٥، البحر المحيط ٨/٤٩٠) من الأمور المادية والمعنوية.

وقال بعدها (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥)) فجاء بـ (ثم) التي تفيد الترتيب والتراخي، لأن كونه أسفل سافلين لا يعاقب خلقه بل يتراخى عنه في الزمن، فهي من حيث الوقت تفيد التراخي، كما أنها من حيث الرتبة تفيد التراخي، فرتبة كونه في أحسن تقويم تتراخى وتبعد عن رتبة كونه في أسفل سافلين، فثمة بون بعيد بين الرتبتين فأفادت (ثم) هاهنا التراخي الزماني والتراخي في الرتبة.

واختلف في معنى (أَسْفَلَ سَافِلِينَ) فذهب قسم من المفسرين إلى أن المقصود به أرذل العمر، والمُراد بذلك: الهرم وضعف القُوى الظاهرة والباطنة وذهول العقل حتى يصير لا يعلم شيئاً (روح المعاني ٣٠/١٧٦، البحر المحيط ٨/٤٩٠)

ومعنى هذا الإستثناء على هذا أن الصالحين من الهرمى لهم ثواب دائم غير منقطع (الكشاف ٣/٣٤٨) يُكتب لهم في وقت شيخوختهم كما كان يُكتب لهم في وقت صِحّتهم وقوتهم" وفي الحديث "إن المؤمن إذا رُدّ لأرذل العمر كُتِب له ما كان يعمل في قوّته" وذلك أجر غير ممنون (البحر المحيط ٨/٤٩٠) أي غير منقطع.

وذهب آخرون إلى أن المقصود به أسفل الأماكن السافلة وهو جهنم أو الدرك الأسفل من النار.

ومعنى الإستثناء على هذا ظاهر، فالصالحون مستثنون من الرد إلى ذلك.

<<  <   >  >>