وقد يكون الإيتاء آية فليس للنبي حق التصرف بها بل عليه تبليغها ورب العالمين ملك رسوله - صلى الله عليه وسلم - الكوثر وأعطاه إياه تمليكاً له أن يتصرف فيه كيفما شاء.
لماذا قال تعالى الكوثر ولم يقل الكثير؟
الكوثر من صفات المبالغة تفيد (فوعل وفيعل) تدل على المبالغة المفرطة في الخير. وقيل عن الكوثر انه نهر في الجنة وقيل الحوض وقيل رفعة الذكر وغيره وكل ما قيل يشمل الخير الذي أعطاه الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو كوثر ومن الكوثر أي الخير الذي انعم الله تعالى على رسوله به.
والكوثر يدل على الكثرة المفرطة في الشيء والفرق بين الكوثر والكثير ان الكوثر قد تكون صفة وقد تكون ذاتاً أما الكثير فهي صفة فقط. وكون الكوثر صفة يدل على الخير الكثير وليس على الكثرة (الكثير هو الكثرة) ولكن الكوثر تدل على الخير الكثير والكثرة قد تكون في الخير وغيره. فالكوثر هو بالإضافة إلى الكثرة المفرطة فهو في الخير خصوصاً. وقد تكون الكوثر الذات الموصوفة بالخير (يقال أقبل السيد الكوثر أي السيد الكثير الخير والعطاء) ولا يقال اقبل الكثير. النهر عادة هو ذات ولكنه ذات موصوف بكثرة الخير. فالكوثر أولى من الكثير لما فيه من الكثرة المفرطة مع الخير وهناك قراءة للآية (الكيثر) وهي صفة مشابهة مثل الفيصل.
والواو أقوى من الياء فأعطى الله تعالى الوصف الأقوى وهو الكوثر وليس الكثير. وفي هذه الآية حذف للموصوف فلم يقل تعالى ماءً كوثراً ولا مالاً كوثراً وإنما قال الكوثر فقط لإطلاق الخير كله.
وعندما عرف الكوثر بأل التعريف دخل في معناها النهر ولو قال كوثر لما دخل النهر فيه لكن حذف الموصوف أفاد الإطلاق وجمع كل الخير.
وعندما أعطى الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - الخير المطلق والكثير فهو في حاجة للتوكيد والتعظيم ولذلك قال إنا مع ضمير التعظيم لأنه يتناسب مع الخير الكثير والمطلق وناسبه التوكيد أيضاً في إنا.