للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخنّاس. فالمستعاذ منه شرّ واحد والإستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة. وهذا بخلاف ما جاء في سورة الفلق حيث كانت الإستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة. وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسة على الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذه الوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة، أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة.

وجاء الترتيب في سورة الناس على الشكل التالي: رب، ملك، إله. فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن له خبرة وتجربة ليرشده وليشير عليه بما يفعل وهذا هو شأن الربّ أي المربي فهو المرشد والمعلم والموجه ولذا بدأت الآيات به (رب الناس) . فإذا لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها أي الملك (ملك الناس) فإن لم تُجدي السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية، فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله. والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام.. والإلحاد.. وتحتاج إلى تذكير.

<<  <   >  >>