للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من شر الوسواس الخنّاس: جاءت الآية باستخدام (من شر الوسواس) وليس (من الوسواس) كما في الاستعاذة من الشيطان: "فاستعذ بالله من الشيطانِ الرجيم"، لأنه هنا لم يحدد الشيطان، بل قال: من الجِنّة والناس، فجعل الوسواس قسمين: من الجِنّة أو من الناس. قد يكون الوسواس من الجِنّة أو من الناس فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" كما قال تعالى على لسان الجن في سورة الجن، لذا لا يصحّ الإستعاذة من الجِنّة عموماً وكذلك الناس نحن نستعيذ من الظالمين والأشرار من الناس وليس من الناس كلهم جميعاً ولذا جاءت الآية بتحديد الاستعاذة من الشر (من شر الوسواس الخنّاس) وأما الشيطان فشرّ كله لذلك جاءت الآية بالاستعاذة منها، أما البشر فلا، ورد في الأثر: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)

الوسواس: كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسة ويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث) وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار. وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس لأن الموسوس لا تفيد المبالغة، ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة. وجاءت الإستعاذة بـ (شر الوسواس) وليس شر الوسوسة فقط للدلالة على أن الإستعاذة إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن.

<<  <   >  >>