من حيث التقديم والتأخير هو قائم على الإهتمام الذي يقتضيه سياق الآيات سواء كان ـفضل أو مفضول وإنما للأهمية. في سورة البقرة (ورفعنا فوقكم الطور) فوقكم أهمّ من الطور نفسه وكذلك في آية سورة النساء أما آية سورة الأعراف فالجبل أهم من فوقهم.
في آية سورة الأعراف وصف تعالى الجبل كأنه ظُلّة وذكر (وظنوا أنه واقع بهم) ومعنى واقع بهم أي أوقع بهم أو أهلكهم وهذا كله له علاقة بالجبل فالجبل في الأعراف أهمّ. ولم يذكر عن الطور شيئاً آخر في سورة البقرة أو النساء.
آية البقرة والنساء يستمر الكلام بعد الآيات على بني إسرائيل حوالي أربعين آية بعد الآية التي جاء فيها ذكر الطور لذا قدّم فوقهم في النساء وفوقهم في البقرة على الطور للأهمية. أما في سورة الأعراف فبعد الآية التي تحدث فيها عن الجبل انتهى الكلام عن بني إسرائيل ولم يذكر أي شيء عنهم بعد هذه الآية لذا قدّم الجبل.
والجبل: هو إسم لما طال وعظُم من أوتاد الأرض والجبل أكبر وأهم من الطور من حيث التكوين. أما النتق فهو أشد وأقوى من الرفع الذي هو ضد الوضع. ومن الرفع أيضاً الجذب والإقتلاع وحمل الشيء والتهديد للرمي به وفيه إخافة وتهديد كبيرين ولذلك ذكر الجبل في آية سورة الأعراف لأن الجبل أعظم ويحتاج للزعزعة والإقتلاع وعادة ما تُذكر الجبال في القرآن في موقع التهويل والتعظيم ولذا جاء في قوله تعالى (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ {١٤٣} ) ولم يقل الطور. إذن النتق والجبل أشد تهديداً وتهويلاً.