والسؤال ماذا حدث فعلاً هل انفجرت أو انبجست؟ والجواب كلاهما وحسب ما يقوله المفسرون أن الماء انفجرت أولاً بالماء الكثير ثم قلّ الماء بمعاصيهم وفي سياق الآيات في سورة البقرة الذي يذكر الثناء والمدح والتفضّل على بني إسرائيل جاء بالكلمة التي تدل على الكثير فجاءت كلمة (انفجرت) أما في سورة الأعراف فالسياق في ذمّ بني إسرائيل فذكر معها الإنبجاس وهو أقلّ من الإنفجار وهذا أمرٌ مشاهد فالعيون والآبار لا تبقى على حالة واحدة فقد تجفّ العيون والآبار فذكر الإنفجار في موطن والإنبجاس في موطن آخر وكلا المشهدين حصل بالفعل.
وبعضهم قال جاء بالفاء للترتيب والتعقيب في (فانفجرت) و (فانبجست) وهذه الفاء تُسمّى فاء الفصيحة وهناك عطف والعطف قد يكون أكثر من معطوف عليه. (فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنا) لم يقل سبحانه وتعالى (فضرب) كذلك في قوله تعالى (فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذّبوا) هل ذهبا أم لم يذهبا؟ ولم يفصّل في الآيات هل أبلغا أم لم يبلغا؟ وهذه الفاء إذن هي فاء الفصيحة التي تدلّ على أن هناك محذوف ولكن المعنى واضح فهي أوضحت معاني متعددة. وقد تكرر استخدام هذه الفاء في مواطن عديدة في القرآن الكريم منها في قوله تعالى في سورة الإسراء (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً {١٦} ) وفي قصة سليمان في سورة النمل (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ {٢٨} قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ {٢٩} ) كان في القصة إيجاز وحذف لكن هذا لم يمنع وضوح المعنى فالمفروض أن الهدهد أخذ الكتاب وذهب به وألقاه عند بلقيس وانتظر لكن بعض هذه المشاهد حذف مع بقاء المعنى واضحاً.