للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونحو ذلك قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ١١٠" يوسف

وقوله: "وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ٣٤" الأنعام

فقال في آية يوسف "جاءَهُمْ نَصْرُنا" وفي آية الأنعام: "أتاهُمْ نَصْرُنا" ومن الواضح أن الحالة الأولى أشق وأصعب، وذلك أن الرسل بلغوا درجة الاستيئاس وهي أبعد وأبلغ، وذهب به الظن إلى أنهم كُذبوا، أي: أن الله سبحانه وتعالى كذبهم ولم يصدقهم فيما وعدهم به، وهذا أبلغ درجات اليأس وأبعدها، وعند ذاك جاءهم نصره سبحانه فنجّي من شاء وعوقب المجرمون.

في يحن ذكر في الآية الأخرى أنهم كُذّبوا، أي: كذّبهم الكافرون، وأوذوا فصبروا. وفرق بعيد بين الحالتين، فلقد يُكذّب الرسل وأتباعهم ويُؤذَون، ولكن الوصول إلى درجة اليأس والظن بالله الظنون البعيدة أمرٌ كبير.

ثم انظر إلى خاتمة الآيتين تر الفرق واضحا، فما ذكره من نجاة المؤمنين ونزول اليأس على الكافرين في آية يوسف مما لا تجده في آ] ة الأنعام يدلك على الفرق بينهما.

ومن ذلك قوله تعالى: "كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" الزمر:٢٥ ـ ٢٦

<<  <   >  >>