للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويمضي في وصف عذاب الكفرة عذابا غليظا: "مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ. يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ" إبراهيم: ١٧

فقال أيضا: "وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهمْ بالبينات"، وأنا في غنى عن أبين موقف الأمم من رسلهم، وكفرهم بما أرسلوا به، وتهديدهم لهم بإخراجهم من الأرض، وعن ذكر عذاب الكافرين في الدنيا بإهلاكهم وفي الآخرة بما وصفه أفظع الوصف.

فانظر إتيانه بالفعل (جاء) وقارنه بالفعل (أتى) في آية التوبة يتضح الفرق بين استعمال الفعلين.

ومن ذلك قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ٩ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ" الروم:١٠

فذكر عاقبة الذين أساؤوا، وأنها السوأى تأنيث الأسوأ، أي: أسوأ الحالات على الإطلاق، وذكر تكذيب الأمم لرسلهم واستهزاءهم بهم، في حين لم يصرح في آية التوبة بتكذيب ولا استهزاء، ولم يذكر لهم عاقبة ما.

ومن ذلك قوله تعالى: "وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ٢٥ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ٢٦" فاطر

فذكر تكذيب الأمم السابقة لرسلهم بعد أن جاؤوهم بكل ما يدعو إلى الإيمان من البينات والزبر والكتاب المنير، وذكر أخذَه لهم وعلّق على ذلك بقوله: "فَكَيْفَ كان نَكيرِ"

<<  <   >  >>