فالشكر يتكرر، كلما أحدث لك نعمة وجب عليك أن تحدث له شكرا أما الكفر فهو أمر واحد حتى إن لم يتكرر، فإن كفر الإنسان بأمر ما فقد كفر، إن كفر بما يعتقد من الدين بالضرورة فقد كفر، لا ينبغي أن يكرر هذا الأمر لأنه إن أنكر شيئا من الدين بالضرورة واعتقد ذلك فقد كفر وانتهى ولا يحتاج إلى تكرار، أما الشكر فيحتاج إلى تكرار لأن النعم لا تنتهي. وفيه إشارة إلى أن الشكر ينبغي أن يتكرر وأن الكفر ينبغي أن يقطع، فخالف بينهما في التعبير فجاء بأحدهما في الزمن الحاضر الدال على التجدد والاستمرار وجاء بالآخر في الزمن الماضي الذي ينبغي أن ينتهي.
جاء بإنما التي تفيد الحصر، أي الشكر لا يفيد إلا صاحبه ولا ينفع الله ولا يفيد إلا صاحبه حصرا أما الله فلا ينفعه شكر ولا تضره معصية
(يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر)
لذلك قال فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
جمع بين هاتين الصفتين الجليلتين الحميد أي المحمود على وجه الدوام والثبوت وهو تعالى غني محمود في غناه
- قد يكون الشخص غنيا غير محمود.
- أو محمودا غير غني.
- أو محمودا وهو ليس غنيا بعد، فإن اغتنى انقلب لأن المال قد يغير الأشخاص وقد يغير النفوس كما أن الفقر قد يغير النفوس.
- وقد يكون الشخص غنيا وغير محمود لأنه لا ينفع في غناه، ولا يؤدي حق الله عليه ولا يفيد الآخرين، بل قد يجر المصالح لنفسه على غناه.