للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو صريح في التفرقة بين التدليس والإرسال.

وأن التدليس مختص بالرواية عمن له عنه سماع، بخلاف الإرسال - والله أعلم.

وابن القطان في ذلك متابع لأبي بكر البزار.

وقد حكى شيخنا كلامهما ثم قال: "إن الذي ذكره المصنف/ (١٠٥/أ) في حد التدليس هو المشهور عن أهل الحديث، وأنه إنما حكى كلام البزار وابن القطان لئلا يغتر به"١.

قلت: لا غرور هنا، بل كلامهما هو الصواب على ما يظهر لي في التفرقة بين التدليس والمرسل الخفي، وإن كانا مشتركين في الحكم.

هذا ما يقتضيه النظر.

وأما كون المشهور عن أهل الحديث خلاف ما قالاه ففيه نظر. فكلام الخطيب في باب التدليس من "الكفاية" يؤيد ما قاله ابن القطان.

قال الخطيب٢: "التدليس متضمن الإرسال لا محالة؛ لإمساك المدلس عن ذكر الواسطة، وإنما يفارق حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمعه قط وهو الموهن لأمره، فوجب كون التدليس متضمنا للإرسال والإرسال لا يتضمن التدليس لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمعه منه"٣.

ولهذا لم يذم العلماء من أرسل وذموا من دلس - والله أعلم -.

٩١- قوله (ص) : - في تدليس الشيوخ -: "وهو أن يروي عن شيخ فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كيلا يعرف"٤.

قلت: ليبس قوله بما لا يعرف به قيدا فيه بل إذا ذكره بما يعرف به إلا أنه لم يشتهر به كان ذلك تدليسا كقول الخطيب.


١ التقييد والإيضاح ص ٩٧-٩٨.
٢ الكفاية ص٣٥٧.
٣ من (ر/أ) وفي باقي النسخ "يسمع".
٤ مقدمة ابن الصلاح ص٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>