للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام لا يشترط فيها القطعيات ولم يقل أحد/ (?١٦٥/أ) أنه يقطع بكون الحديث موضوعا بمجرد الإقرار، إلا أن إقرار الواضع بأنه وضع يقتضي موجب الحكم العمل بقوله، وإنما نفى ابن دقيق العيد القطع بكون الحديث موضوعا بمجرد إقرار الراوي بأنه وضعه فقط، فلم يعترض لتعليل ذلك ولم يعلل بأنه يلزم العمل بقوله بعد اعترافه، لأنه لا مانع من العمل بذلك، لأن اعترافه بذلك يوجب ثبوت فسقه وثبوت فسقه لا يمنع العمل بموجب إقراره كالقاتل - مثلا - إذا اعترف بالقتل عمدا من غير تأويل، فإن ذلك يوجب فسقه ومع ذلك فنقتله عملا بموجب إقراره مع احتمال كونه في باطن الأمر كاذبا في ذلك الإقرار بعينه.

ولهذا حكم الفقهاء على من أقر بأنه شهد الزور بمقتضى اعترافه.

وهذا كله مع التجرد، أما إذا انضم إلى ذلك قرائن تقتضي صدقه في ذلك الإقرار كمن روى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - حديث الأعمال بالنيات، فإنا نقطع١ بأنه ليس من رواية مالك ولا نافع ولا ابن عمر مع ترددنا في كون الراوي له على هذه الصورة كذب أو غلط فإذا أقر أنه غلط لم نرتب في ذلك، ولا سيما إن كان إخباره لنا بذلك بعد توبته.

وقد حكى مهنا بن يحيى أنه سأل أحمد عن حديث إبراهيم بن موسى المروزي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - رفعه "العلم فريضة على كل مسلم".

فقال أحمد: "هذا كذب"٢.

يعني بهذا الإسناد.

ثم إن شيخنا - رضي الله عنه - مثل لقول ابن الصلاح: "أو ما يتنزل منزلة إقراره"٣.


١ وهذا القطع لا يحصل إلا لأئمة الحديث الذين يتمتعون بالاطلاع الواسع على معرفة متون الأحاديث وطرقها.
٢ انظر ميزان الاعتدال ١/٦٩.
٣ مقدمة ابن الصلاح ص٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>