ولا منعة ولا يأمنون إلا بالدخول في غمار أمتهم وسواد عامتهم، ثم جاء تائبا من قبل أن يقدر عليه لم تقبل توبته، وأقيم عليه حده ما كان.
حدثني علي قال: ثنا الوليد، قال: ذكرت لأبي عمرو قول عروة: يقام عليه حد ما فر منه، ولا يجوز لأحد فيه أمان. فقال أبو عمرو: إن فر من حدثه في دار الإسلام فأعطاه إمام أمانا لم يجز أمانه، وإن هو لحق بدار الحرب ثم سأل إماما أمانا على إحداثه لم ينبغ للإمام أن يعطيه أمانا، وإن أعطاه الإمام أمانا وهو غير عالم بإحداثه فهو آمن، وإن جاء أحد يطلبه بدم أو مال رد إلى مأمنه، فإن أبى أن يرجع فهو آمن، ولا يتعرض له.
قال: وإن أعطاه أمانا على أحداثه وهو يعرفها فالإمام ضامن، واجب عليه عقل ما كان أصاب من دم أو مال. وكان فيما عطل من تلك الحدود والدماء آثما، وأمره إلى الله - عز وجل - قال: وقال أبو عمرو: فإذا أصاب ذلك وكانت له منعة أو فئة يلجأ إليها. أو لحق بدار الحرب فارتد عن الإسلام، أو كان مقيما عليه ثم جاء تائبا من قبل أن يقدر عليه قبلت توبته، ولم يتبع بشيء من أحداثه التي أصابها في حربه. إلا أن يوجد معه شيء قائم بعينه فيرد إلى صاحبه.
حدثني علي قال ثنا الوليد قال: أخبرني ابن لهيعة عن ربعية قال: تقبل توبته ولا يتبع بشيء من أحداثه في حربه إلا أن يطلبه أحد بدم كان أصابه في سلمه قبل حربه؛ فإنه يقاد به.
حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثنا معمر الرقي، قال: ثنا الحجاج عن الحكم بن عيبة، قال: قاتل الله الحجاج إن كان ليفقه أمن رجلا من محاربته، فقال: انظروا هل أصاب شيئا قبل خروجه.
وقال آخرون: تضع توبته عنه حد الله الذي وجب عليه بمحاربته، ولا يسقط عنه حقوق بني آدم، وممن قال ذلك الشافعي، حدثنا بذلك عنه الربيع.
وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: توبة المحارب الممتنع بنفسه أو بجماعة معه قبل القدرة عليه، تضع عنه تبعات الدنيا التي كانت لزمته في أيام حربه وحرابته من حدود الله وغرم لازم وقود وقصاص، إلا ما كان قائما في يده من أموال المسلمين والمعاهدين بعينه، فيرد على أهله لإجماع الجميع على أن ذلك حكم الجماعة