للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجله ثم صلب، فإذا قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن هو لم يأخذ المال ولم يقتل نفي. قاله ابن عباس، وروي عن أبي مجلز والنخعي وعطاء الخراساني وغيرهم. وقال أبو يوسف إذا أخذ المال وقتل صلب وقتل على الخشبة، قال الليث: بالحربة مصلوبا. وقال أبو حنيفة: إذا قتل قتل، وإذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا أخذ المال وقتل فالسلطان مخير فيه، إن شاء قطع يده ورجله، وإن شاء لم يقطع وقتله وصلبه. قال أبو يوسف: القتل يأتي على كل شيء. ونحوه قول الأوزاعي، وقال الشافعي: إذا أخذ المال قطعت يده اليمنى وحسمت ثم قطعت رجله اليسرى وحسمت وخلي؛ لأن هذه الجناية زادت عن السرقة بالحرابة، وإذا قتل قتل، وإذا أخذ المال وقتل قتل وصلب، وروي عنه أنه قال: يصلب ثلاثة أيام، قال: وإن حضر وكثر وهيب وكان ردءا للعدو حبس، وقال أحمد: إن قتل قتل، وإن أخذ المال قطعت يده ورجله، كقوله الشافعي، وقال قوم: لا ينبغي أن يصلب قبل القتل فيحال بينه وبين الصلاة والأكل والشرب، وحكي عن الشافعي: أكره أن يقتل مصلوبا؛ لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة. وقال أبو ثور: الإمام مخير على ظاهر الآية، أو كذلك قال مالك، وهو مروي عن ابن عباس، وهو قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومجاهد والضحاك والنخعي كلهم قال: الإمام مخير في الحكم على المحاربين، يحكم عليهم بأي الأحكام التي أوجبها الله تعالى من القتل والصلب أو القطع أو النفي بظاهر الآية، قال ابن عباس ما كان في القرآن (أو) فصاحبه بالخيار، وهذا القول أشعر بظاهر الآية، فإن أهل القول الأول الذين قالوا: إن الواو للترتيب - وإن اختلفوا - فإنك تجد أقوالهم أنهم يجمعون عليه حدين، فيقولون: يقتل ويصلب، ويقول بعضهم: يصلب ويقتل، ويقول بعضهم: تقطع يده ورجله وينفى، وليس كذلك الآية، ولا معنى (أو) في اللغة، قاله النحاس. واحتج الأولون بما ذكره الطبري عن أنس بن مالك أنه قال: «سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل - عليه السلام - عن الحكم في المحارب فقال: (من أخاف السبيل وأخذ المال فاقطع يده للأخذ ورجله للإخافة، ومن قتل فاقتله، ومن جمع ذلك فاصلبه)»، قال ابن عطية: وبقي النفي للمخيف فقط، والمخيف في حكم القاتل، ومع ذلك فمالك يرى فيه الأخذ بأيسر العذاب والعقاب استحسانا.

الرابعة - قوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (١) اختلف في معناه، فقال السدي: هو أن يطلب أبدا بالخيل والرجل حتى يؤخذ فيقام عليه حد الله أو يخرج من دار الإسلام هربا


(١) سورة المائدة الآية ٣٣