ممن يطلبه، عن ابن عباس وأنس بن مالك ومالك بن أنس والحسن والسدي والضحاك وقتادة وسعيد بن جبير والربيع بن أنس والزهري. حكاه الرماني في كتابه، وحكي عن الشافعي أنهم يخرجون من بلد إلى بلد ويطلبون لتقام عليهم الحدود، وقاله الليث بن سعد والزهري أيضا. وقال مالك أيضا ينفى من البلد الذي أحدث فيه هذا إلى غيره، ويحبس فيه كالزاني، وقال مالك أيضا والكوفيون: نفيهم سجنهم، فينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، فصار كأنه إذا سجن فقد نفي من الأرض، إلا من موضع استقراره، واحتجوا بقول بعض أهل السجون في ذلك.
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها ... فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا
إذا جاءنا السجان يوما لحاجة ... عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا
حكى مكحول أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أول من حبس في السجون، وقال: احبسه حتى أعلم منه التوبة، ولا أنفيه من بلد إلى بلد فيؤذيهم، والظاهر أن الأرض في الآية هي أرض النازلة، وقد تجنب الناس قديما الأرض التي أصابوا فيها الذنوب، ومنه الحديث الذي ناء بصدره نحو الأرض المقدسة، وينبغي للإمام إن كان هذا المحارب مخوف الجانب يظن أنه يعود إلى حرابه أو إفساد أن يسجنه في البلد الذي يغرب إليه. وإن كان غير مخوف الجانب (فظن أنه لا يعود إلى جناية) سرح، قال ابن عطية: وهذا صريح مذهب مالك أن يغرب ويسجن حيث يغرب، وهذا على الأغلب في أنه مخوف، ورجحه الطبري وهو الواضح؛ لأن نفيه من أرض النازلة هو نص الآية، وسجنه بعد بحسب الخوف منه، فإن تاب وفهمت حاله سرح.
الخامسة - قوله تعالى:{أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}(١) النفي أصله الإهلاك، ومنه الإثبات والنفي، فالنفي الإهلاك بالإعدام، ومنه النفاية لردي المتاع، ومنه النفي لما تطاير من الماء عن الدلو.
قال الراجز:
كأن متنيه من النفي ... مواقع الطير على الصفى
السادسة: قال ابن خويز منداد: ولا يراعى المال الذي يأخذه المحارب نصابا كما