للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبان بما سبق أن من الأصول الثابتة والقواعد المتبعة في الأدلة: أن احتمال الدليل نقيض ثبوته أو نقيض مدلوله يؤثر ذلك في قطعيته ثبوتا أو دلالة، نفيا للقطعية عند وجود الاحتمال أو إثباتا لها عند نفيه.

مسالك العلماء في الاعتداد بالاحتمال:

ما سبق من أثر الاحتمال هو في الجملة، وتختلف مسالك العلماء بالنظر إلى حدود قوة الاحتمال في قطعية الدليل وقوته، فمضيِّقٌ لحدود ذلك وموسع.

المسلك الأول: أن الاحتمال المؤثر في القطعية هو ما كان منه قريبا معتضدا بما يؤيده، أما ما بعُد من الاحتمال فلا يرفع القطعية ولا يمنعها.

وهذا هو المسلك الذي نُص عليه في كتب الحنفية، أنه مذهب الجمهور منهم١، لذا كانت دلالة العموم عندهم قطعية وإن احتمل اللفظ العام غير ظاهره احتمالا بعيدا غير مؤيد بدليل، بل ذهب بعضهم إلى قطعية الظواهر إذا لم يكن هناك ما يعضد الاحتمال المرجوح فيها٢.

ويؤيد هذا المسلك أمور منها:

أولا: أن الاحتمال المرجوح الذي لم يقم عليه دليل ملحق بالمعدوم حكما فلا يمنع القطعية، فلا يمتنع العاقل من دخول الدار مثلا وإن احتمل


١ انظر كشف الأسرار١/٤٨ ومسلم الثبوت مع فواتح الرحموت١/٢٦٥.
٢ انظر كشف الأسرار١/٤٩-٥٠، وانظر الكلام على قطعية العموم ص (٣٥٦.) .

<<  <   >  >>