للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاحتمال بُعدا أضعف تأثيره في القطعية١. والله تعالى أعلم.

مطلق الاحتمال لا يرفع الحجية:

الاحتمال مهما كان من القرب لا يرفع الظهور عن الدليل المستند إلى احتمال أقوى وأرجح منه، إلا أن يكون عليه دليل يجعله راجحا، فالظواهر لا تصرف عن المتبادر منها بمجرد الاحتمال، فإذا علم مع ذلك أن الظهور يكفي لحجية الدليل في الجملة، ووجوب العمل به لم يكن للاحتمال تأثير في وجوب العمل بها.

وفي هذا العبارةُ المنقولة عن الإمام الشافعي رحمه الله: "قَلَّ شيء إلا ويَطرُقه الاحتمال، ولكن الكلام على ظاهره حتى تقوم دلالة على أنه غير مراد"٢، وقال الزركشي معلقا: "فأبان بذلك إلى٣ أنه لا نظر إلى


١ انظر ذكر الظن القوي المقارب للقطع في المستصفىللغزالي ٢/٢٣٦،٤٩٢-٤٩٣ والوصول لابن برهان ١/٢٧٠-٢٧١ والإحكام للآمدي ٣/٤٥ ومنتهى السول له أيضا/٥١ وشرح مختصر الروضة للطوفي ٢/١١٠-١١١، ٣/٦١٦ ومقاصد الشريعة لابن عاشور ص٢٢،٤٠.
٢ ذكره الزركشي في البحر المحيط٣/١٥٢ نقلا عن الأم.
٣ تعدية (أبان) ب (إلى) لعلها من باب تضمين (أبان) معنى (أشار) أي أشار بذلك إلى ... قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن٣/٢٣٨-٢٣٩ في معنى التضمين في الأفعال: "وهو أن تضمِّن فعلا معنى فعل آخر ويكون فيه معنى الفعلين جميعا وذلك بأن يكون الفعل يتعدى بحرف فيأتي متعديا بحرف آخر ليس من عادته التعدي بها ... "، فيكون معنى ما ذكر الزركشي: (أشار مبينا إلى أنه ... ) ، وتكرر مثل ذلك منه في (سلاسل الذهب) وغيره من كتبه، وكثرة وقوع ذلك مما قد لا يعذر فيه. انظر مقدمة تحقيق سلاسل الذهب للدكتور محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين ص٧٠.

<<  <   >  >>