للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال"١.

وأصلية الكتاب والسنة هي في التقديم على غيرهما في الجملة للوصول إلى الحكم الشرعي، وهي في القوة كذلك من حيث بناء غيرهما عليهما وعدم بنائهما على غيرهما.

وأما العقل المجرد فليس من أدلة الفقه وطرق الأحكام الشرعية، فإنه إنما يستعمل معينا في طرق الأدلة الشرعية أو محققا لمناطها أو ما أشبه ذلك كأن يدل على نفي الحكم لانتفاء الأدلة لكون الثمر معدوما لعدم المثمِر، وإن الأحكام الشرعية إنما تعلم بالسمع والنقل وأصله الكتاب والسنة٢.

ويذكر بعض العلماء أن العقل أصل النقل من حيث إن النقل يثبت صحته بالعقل، فهو أصله الذي يقدم عليه إذا عارضه٣.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رد ذلك: "إن أردت أنه أي العقل أصل في ثبوته أي النقل في نفس الأمر فلا يقوله عاقل، فإن ما هو ثابت في نفس الأمر بالسمع أو بغيره هو ثابت سواء علمنا ثبوته أم لم نعلم ثبوته لا بعقل ولا بغيره، إذ عدم العلم ليس علما بالعدم، وعدم علمنا بالحقائق لا


١ تفسير ابن كثير١/٥٣١.
٢ انظر المستصفى ١/٤٠٦ والقواطع لابن السمعاني ق٢/أ-ب، والموافقات للشاطبي ١/٣٥.
٣ انظر هذا القول في المحصل للرازي١/٤٠٦-٤٠٧ والمواقف لعضد الدين الإيجي ص٤٠.
وما سبق نقله عن المستصفى والموافقات يدل مع هذا القول على أن المراد بأصلية العقل للنقل عند من يقول به أن ذلك في غير الأحكام الشرعية التي أدلتها موضوع أصول الفقه، ولعلها في الأمور المتعلقة بما هو عندهم من أصول الدين، والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>