للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فلا واسطة بين الخبر المتواتر وبين خبر الواحد، إذ عُرِّف خبر الواحد بكونه كل ما ليس متواترا، فيدخل في جملة خبر الواحد الخبر المستفيض والمشهور١، وهو قول كثير من الأصوليين٢.

وقد جعل بعض العلماء الخبر المستفيض واسطة دون الخبر المتواتر وفوق خبر الآحاد.


١ المشهور في اصطلاح المحدثين: ما له طرق محصورة بأكثر من اثنين ولم يبلغ حد المتواتر، سمي الخبر مشهورا لوضوح أمره، وهو المستفيض على رأي جماعة من أئمة الفقهاء والأصوليين وبعض المحدثين، وسمي هذا مستفيضا لانتشاره وشيوعه في الناس، ومنهم من غاير بين المشهور والمستفيض بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه وفيما بينهما سواء وأن المشهور أعم من ذلك فيشمل ما كان أوله منقولا من الواحد، ومنهم من فرق بينهما بوجه آخر وهو أن المستفيض ما تلقته الأمة بالقبول دون اعتبار عدد. انظر نزهة النظر لابن حجر٥٦-٥٧ وفتح المغيث للسخاوي٣/٣٢-٣٣ وتدريب الراوي للسيوطي٢/١٧٣.
وعرف الماوردي الأخبار المستفيضة بقوله: "هي أن تبدو منتشرة من البر والفاجر ويتحققها العالم والجاهل فلا يختلف فيها مخبر ولا يتشكك فيها سامع ويكون انتشارها في ابتدائها ... كانتشارها في آخرها"أدب القاضي١/٣٧١-٣٧٢.
وقال علاء الدين السمرقندي (ميزان الأصول/٤٢٨) في تعريف الخبر المشهور عند الحنفية: "هو اسم لخبر كان من الآحاد في الابتداء ثم اشتهر فيما بين العلماء في العصر الثاني حتى رواه جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ... وقيل في حده: ما تلقته الأمة بالقبول"ويسمى (المستفيض) ، وهو يفيد عند بعضهم علم طمأنينة، ويفيد العلم اليقيني القطعي عند آخرين منهم. انظر المرجع السابق ص٤٢٨-٤٣٠ وأصول البزدوي مع كشف الأسرار ٢/٣٦٨-٣٦٩.
والأمر في هذا راجع إلى النظر في قرائن القطعية التي منها قرينة تلقي العلماء الخبر بالقبول وقرينة اشتهار الخبر واستفاضته.
٢ انظر شرح الكوكب المنير٢/٣٤٥ وإرشاد الفحول١/٢٠٧.

<<  <   >  >>