وقال أبو المعالي الجويني: "المسألة الثالثة في التنصيص على المسلك الذي ثبت الإجماع به إذ لا مطمع في إسناده إلى العقل وكذلك لا مطمع في إسناده إلى دليل قاطع سمعي هجوما عليه من غير اعتبار واسطة، فإذاً الواسطة التي هي العمدة النظرُ في قضيات اطراد العادات ... نعم إذا أنعم الباحث نظره كان متعلقه دليلا قاطعا سمعيا يشعر بالإجماع"اهـ فالعادة مستعملة ههنا واسطةً إلى القاطع الشرعي. وانظر في الاستدلال على القطعية بالاستحالة العادية في الوجيز في أصول التشريع ص٣٦٨-٣٥٩. ٢ الموافقات ١/٤١-٤٢. واستدل صاحب الوجيز في أصول التشريع (ص ٣٥٨-٣٥٩) على قطعية الإجماع، ثم أورد على نفسه اعتراضا بأن الأدلة التي سيقت في حجية الإجماع ظنية إما في الثبوت أو في الدلالة فكيف يستفاد حجة قطعية من أدلة ظنية!؟ فأجاب عن ذلك - معترفا بظنية الأدلة التي ساقها في حجية الإجماع - بقوله: "إن وقوع الظن مقطوع به ووجوب العمل عنده مقطوع به تلقيا من إجماع قاطع"اهـ. فعرّج في بيان وجه قطعية الإجماع على الإجماع القاطع الموجب وجوب العمل بالظن، مع كون المسألة في قطعية الإجماع، فالتعريج فيها على الإجماع القاطع أمر مشكل، ويوشك أن يكون مما ذكره الشاطبي. والله تعالى أعلم.