للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

(اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج.

وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الاذن لهن، لان تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء).

قال الشوكاني في (نيل الاوطار) (٤/ ٩٥): (وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر) (١).

١٢١ - ويجوز زيارة قبر من مات على غير الاسلام للعبرة فقط.

وفيه حديثان:

الأول: عن أبي هريرة قال:

(زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه. فبكى: وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت).


(١) وإلى هذا الجمع ذهب الصنعاني أيضا في: (سبل السلام)، ولكنه استدل للجواز بأدلة فيها نظر فأحبت أن أنبه عليها، أولا: حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما (أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزرو قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي).
أخرجه الحاكم (١/ ٣٧٧) وعنه البيهقي (٤/ ٧٨) وقال (وهو منقطع، وسكت عليه الحافظ في (التلخيص) (٥/ ٢٤٨) وتبعه الصنعاني! وسكوت هذين واقتصار البيهقي علي إعلاله بالانقطاع قد يوهم أنه سالم من علة أخرى. وليس كذلك كما سبق بيانه قريبا.
ثانيا: حديث البيهقي في (شعب الايمان) مرسلا: (من زار قبر الولدين أو أحدهما في كل جمعة عفو له وكتب بارا).
سكت عليه الصنعاني أيضا. وهو ضعيف جدا بل هو موضوع، وليس هو مرسل فقط كما ذكر الصنعاني، بل هو معضل لان الذي رفعه إنما هو محمد بن النعمان وليس تابعيا، قال إلعراقي في (تخريج الاحياء) (٤/ ٤١٨): (رواه ابن أبى الدنيا وهو معضل، محمد بن النعمان مجهول). قلت: وهو تلقاه عن يحيى بن العلاء البجلي بسنده عن أبى هريرة أخرجه الطبراني في الصغير (١٩٩) ويحيي كذبه وكيع وأحمد، وقال ابن أبى حاتم (٢/ ٢٠٩) عن أبيه:
(الحديث منكرا جدا، كأنه موضوع).