فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار. وهذا سند صحيح، وعلقه البخاري (٣/ ١٧٣) مجزوما. قال الحافظ في شرحه: (وكان بريدة حمل الحديث على عمومه، ولم يره خاصا بذينك الرجلين، قال ابن رشيد: ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما، فلذلك عقبه بقول ابن عمر: إنما يظله عمله). قلت: ولا شك أن ما ذهب إليه البخاري هو الصواب لما سبق بيانه، ورأي بريدة لا حجة فيه، لانه رأى والحديث لا يدل عليه حتى لو كان عاما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضع الجريدة في القبر، بل عليه كما سبق. و (خير الهدى هدى محمد). (١) وقال شيخ الاسلام في (الاقتضاء) (ص ١٨٢): (وأما الذبح هناك - يعني عند القبور - فمنهي عنه مطلقا ذكره أصحابنا وغيرهم لهذا الحديث. قال أحمد في رواية المروزي -: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا عقر في الاسلام. كانوا إذا مات لهم الميت نحروا جزورا على قبره، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. وكره أبو عبد الله أكل لحمه. قال أصحابنا: وفي معنى هذا ما يفعله كثير من أهل زماننا في التصدق عند القبر بخبز أو نحوه) وقال النووي في (المجموع) (٥/ ٣٢٠): (وأما الذبح والعقر عند القبر فمذموم لحديث أنس هذا، رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح). قلت: وهذا إذا كان الذبح هناك لله تعالى وأما إذ كان لصاحب القبر كما يفعله بعض الجهال فهو شرك صريح، وأكله حرام وفسق كما قال تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١]. أي والحال أنه كذلك بأن ذبح لغير الله، إذ هذا قو الفسق هنا كما ذكره الله تعالى بقوله (أو فسقا أهل لغير الله به)، كما في (الزواجر) (١/ ١٧١) للفقيه الهيتمى. وقال: (لعن الله (وفي رواية: ملعون) من ذبح لغير الله). أخرجه أحمد (رقم ٢٨١٧، ٢٩١٥، ٢٩١٧) بسند حسن عن ابن عباس، ومسلم (٦/ ٨٤) عن علي نحوه.