قلت: وهذا الاحتمال بعيد، بل جزم ابن حزم (٥/ ١٣٧) ببطلانه، وأنه من التقول على الله! والاقرب أن النهي من باب احترام الموتى، فهو كالنهي عن الجلوس على القبر الاتي في المسألة (١٢٨ فقرة ٦)، وعليه فلا فرق بين النعلين السبتيتين وغيرهما من النعال التي عليها شعر، إذ الكل في مثابة واحدة في المشي فيها بين القبور ومنافاتها لاحترامها، وقد شرح ذلك ابن القيم في (تهذيب السنن) (٤/ ٣٤٣ - ٣٤٥) ونقل عن الامأم أحمد أنه قال: (حديث بشير إسناده جيد، أذهب إليه إلا من علة). وقد ثبت أن الامام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في مسائله (ص ١٥٨): (رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه). فرحمه الله، ما كان أتبعه للسنة. (١) ولا يعارض ما ذكرنا حديث ابن عباس في وضع النبي صلى الله عليه وسلم شقي جريدة النخل على القبرين وقوله: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا). متفق عليه وقد خرجته في (صحيح أبي داود) (١٥). فإنه خاص به صلى الله عليه وسلم بدليل أنه لم يجر العمل به عند السلف ولامور أخرى يأتي بيانها. قال الخطابي رحمه الله تعالى في (معالم السنن) (١/ ٢٧) تعليقا على الحديث: (إنه من التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تغرس الحوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه). قال الشيخ أحمد شاكر في تعيلقه على الترمذي (١/ ١٠٣) عقب هذا: (وصدق الحطابي، وقد ازداد العامة إصرارا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، خصوصا في بلاد مصر، تقليدا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للاحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلاد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من يسمونه (الجندي =