للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

الرابع: عن ثمامة بن شفي قال:

(خرجنا مع فضالة بن عبيد إلى أرض الروم، وكان عاملا لمعاوية على الدرب، (وفي رواية: غزونا أرض الروم، وعلى ذلك الجيش فضالة بن عبيد الانصاري)، فأصيب ابن عم لنا [ب] (رودس) (١) فصلى عليه فضالة، وقام على حفرته حتى واراه، فلما سوينا عليه حفرته قال: أخفوا عنه، (وفي الرواية الاخرى: خففوا عنه) (٢) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور).

أخرجه أحمد (٦/ ١٨) بالروايتين وإسناده حسن، وابن أبي شيبة (٤/ ١٣٥ - ١٣٨) بالرواية الاخرى.

ورواه مسلم (٣/ ٦١) وأبو داود (٢/ ٧٠) والنسائي (١/ ٢٨٥) والبيهقي (٤/ ٢ - ٣) من طريق أخرى عن ثمامة نحوه أخصر منه، وهو رواية لاحمد (٦/ ٢١) ولفظها عنده: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سووا قبوركم بالارض).


= قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج، وملجا لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال وتمسحوا واستغاثوا. وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالاصنام إلا فعلوه! فإنا لله وإنا إليه راجعون، ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله، ويغار حمية للدين الحنيف، لا عالما ولا متعلام، ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا، وقد توارد إلينا من الاخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا، فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني! تلعثم وتلكأ وأبي واعترف بالحق! وهذا من أبين الادلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة.
فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للاسلام أشد من الكفر، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله، وأى مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك واجبا؟!
لقد أسمعت لو ناديت حياً * ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد
وللشوكاني رحمه الله تعالى رسالة لطيفة نافعة في هذا الباب أسماها (شرح الصدور في تحريم رفع القبور) مطبوعة في المجموعة المنيرية (١/ ٦٢ - ٧٦).
(١) جزيرة معروفة في البحر الابيض المتوسط، جنوب غرب تركيا.
(٢) هي بمعنى الرواية التي قبلها، إلا أن هذه عديت بالتشديد وتلك بالالف.