١ - أفاد هذا الحديث أن قضاء أبي قتادة للدين كان بعد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الميت.
وهذا مشكل، فقد صح عن أبي قتادة نفسه أنه قضاه قبل الصلاة كما سيأتي ذكره في المسألة (٥٥) فقرة (و)، فان لم تحمل القصة على التعدد فرواية أبي قتادة أصح من حديث جابر، لان فيه عبد الله بن محمد عقيل، وفيه كلام، وهو حسن الحديث فيما لم يخلف فيه، وأما مع المخالفة فليس بحجة، والله أعلم.
٢ - أفادت هذه الاحاديث أن الميت ينتفع بقضاء الدين عنه، بولو كان من غير ولده، وأن القضاء يرفع العذاب عنه، فهي من جملة المخصصات لعموم قوله تبارك وتعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] ولقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات الانسان النقطع عمله إلا من ثلاث .. " الحديث رواه مسلم والبخاري في الادب المفرد وأحمد، ولكن القضاء عنه شئ والتصدق عنه شئ آخر، فانه أخص من التصدق، وإلا فالاحاديث التي وردت في التصدق عنه، إنما موردها في صدقة الولد عن الوالدين، وهو من كسبهما بنص الحديث، فلا يحوز قياس الغريب عليهما، لانه قياس مع الفارق مع الفارق كما هو ظاهر، ولا قياس الصدقة على القضاء، لانها أعم منه كما ذكرنا، ولعلنا نتكلم عن هذه المسألة بشئ من التفصيل في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
الحديث الرابع: عن جابر أيضا.
" أن أباه استشهد يوم أحد، وترك ست بنات، وترك عليه دينا (ثلاثين وسقا)، (فاشتد الغرماء في حقوقهم)، فلما حضره جداد النخل، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يارسول الله قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا، وإني أحب أن يراك الغرماء، قال: اذهب فبيدر كل تمر على حدة، ففعلت، ثم دعوت، (فغدا علينا حين أصبح)، فلما نظرو إليه أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاثا (ودعا في ثمرها بالبركة)، ثم جلس عليه، ثم قال: