ثم إن تقييد الشهادة بأربع في الحديث الثالث، الظاهر أنه كان قبل حديث عمر قبله، ففيه الاكتفاء بشهادة اثنين، وهو العمدة. هذا، وأما قول بعض الناس عقب صلاة الجنازة: " ما تشهدون فيه. اشهدوا له بالخير "! فيجيبونه بقولهم صالح. أو من أهل الخير، ونحو ذلك، فليس هو المراد بالحديث قطعا، بل هو بدعة قبيحة، لانه لم يكن من عمل السلف، ولان الذين يشهدون بذلك لا يعرفون الميت في الغالب، بل قد يشهدون بخلاف ما يعرفون استجابة لرغبة طالب الشهادة بالخير، ظنا منهم أن ذلك ينفع الميت، وجهلا منهم بأن الشهادة النافعة إنما هي التي توافق الواقع في نفس المشهود له، كما يدل على ذلك قوله في الحديث الأول " إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر ".